TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > تجارب عربية وعالمية .. توفيق الحكيم ومسرح اللامعقول

تجارب عربية وعالمية .. توفيق الحكيم ومسرح اللامعقول

نشر في: 21 نوفمبر, 2009: 02:27 م

باسم عبدالحميد حمودي وقف كتاب اللامعقول العرب من مجمل التجربة التي سادت فترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين موقفا متباينا من التجربة ففي حين اكد د. طه حسين ان مسرح توفيق الحكيم كان مسرحا تجريديا لامعقولا ايضا اذا احسنا قراءته كان توفيق الحكيم قد حقق في مسرحية (ياطالع الشجرة) تجربة جديدة اقيمت على حدوتة شعبية،
فيما بنى احمد رجب تجربته في (الهواء الاسود) على لعبة صحفية صادمة واستطاع يوسف ادريس ان يصنع من (الفرافير) صورة مأساوية للفرفور المسحوق الذي هو الانسان البسيط العادي. في لبنان، اغنى المسرح اللبناني في السعبنيات بنماذج عديدة منها اختلط فيها الاسلوب التجريبي اللامعقول باسلوب المسرح التسجيلي باسلوب الواقعية مثل مسرحية (من قتل الزعيم) لكن المسألة: هل ان هؤلاء ادباء صالونات؟. وهل ان النوازع الطبقية قد تغلبت عليهم بحيث اصبحوا لايرون الا السخف والسأم مقدمين نسخا مشوهة لمورافيا وسارتر وكامو؟. انهم عابثون ولكنهم يعبثون بشكل ايجابي غير مدمر للحياة ذاتها وهم حصيلة تجارب الحروب وازمات الانحراف الاجتماعي في اوربا وفي سائر عالم اليوم فهم ينظرون الى القنابل الذرية ووسائل التدمير الحديثة برعب واشمئزاز فيعبرون عن سخطهم هذا بما يفهمون انه طريقة ملائمة للرفض ويعتقدون ان الاسلوب اللامعقول يجب ان يسود في عالم لامعقول تاركين الجوانب الايجابية في حياتنا هذه. فهذا فردريك دورنمات يقدم لنا (علماء الطبيعة) واضعا علماء الذرة في مستشفى للمجاذيب وجاعلا اياهم قتلة ومجرمين لكي يخرج بنتيجة معينة وهي انتحار احدهم مفضلا التضحية بالفرد المدمر على حساب المجموع المسالم وحتى ان كان هذا الرأي ذا هدف اجتماعي فان احداث المسرحية ذاتها تشعرنا بسخافة كل الحياة ان تحكم هؤلاء الاوباش العالميين بها بضغط زر او اخر. وقد تختلط فيه الاشياء ولكنه لايبرر الجريمة الاجتماعية ولايكون براغمتيا يغلف الظلم بل هو مع الحياة الفاضلة التي لاوجود لها الان. انه يبحث عن يوتوبيا جديدة بدون نظرة مثالية وهو عندما ينتقد الحياة الحاضرة بعنف ويرينا ضعف الانسان فيها وسخافتها احيانا فانما يعني ذلك انه يدعونا الى ان نكون اكثر صفاءس وسهولة ويسرا واعمق احساسا بالاذى والطيبة ومن هنا كان اللامعقول العابث الجاد رائعا في معظم مايقدمه واكثر اهتماما بالحياة من المعقول ذاته. اللامعقول والشعر العربي الحديث: اشعر ان تيار اللامعقول بحاجة الى ايضاحات اكثر مثله في ذلك مثل تيار الشعر الحديث الذي عانى ومايزال يعاني الكثير من المعارضة الجوفاء من الذين يسبحون ضد التيار دون عناية واستيعاب حتى لاسلوب السباحة فكما اصبح الشعر العربي الحديث اسلوبا تكنيكيا لصياغة الشعر بالاضافة الى اغنائه للمضمون وكما ثبت اقدام مدرسته بالعمل على اثراء الشعر العربي عن طريق تخليصه من قيوده بهدم التفعيلة القديمة وتشطير الابيات بحيث يمكن صياغة المعاني الحديثة باسلوب سهل قريب الى النفس والى روح العصر فقد عمد اللامعقول الى احداث تغيير عقلي في الاسلوب التنكيكي لبناء العمل الادبي وفي طبيعة ومضمون العمل ذاته. اصبح اللامعقول في اوربا ظاهرة حضارية والكلام عن ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كما اصبح الشعر الحديث في شرقنا العربي ظاهرة حضارية لها اسسها المدروسة الواعية وان تخبط بعض الذين بدأوا فيه واعتبر خصومهم مقولاتهم او (قصائدهم) دليلا على ضعف هذا النوع من الشعر فان ادباء اللامعقول العرب قد بدأوا بدايات تبدو جيدة وهادفة اذا اخذنا الفرافير كمثل على ذلك اما توفيق الحكيم فقد شارك اثباتا لوجود وفعل احمد رجب ذلك في (الهواء الاسود) كمحاولة للسخرية من النقاد الذين غاب عنهم اسم الكاتب في حينه. اللامعقول عربيا وتراثيا: استند احمد رجب وتوفيق الحكيم ومن تبعهما في اعمالهم الادبية المسايرة لتيار اللامعقول الاوربي الى رصيد ضخم من تراث اللامعقول الادبي والاجنبي الحديث والقديم فالاساطير العربية واليونانية كانت لامعقولة تماما لانها تصور الحياة بالشكل الذي يتمناه الانسان دون ان يناله. فعنترة البطل الذي فاز بحب ابنة عمه عبلة وجاهد طويلا للحصول عليها وقتل (الالاف) في طريقه لذلك يبدو لامعقولا بالنسبة لرواية يوسف بن اسماعيل. والمقداد بن الاسود الكندي الذي يقتل الافا من الفرس في معركة واحدة امام كسرى لكي يحصل على مهر ابنة عمه المياسة يبدو لامعقولا اذا قسنا الامور مقياسا واقعيا دون جعل طبيعة المرحلة التاريخية اساسا لهذا العمل الادبي وذاك والذي يبدو ان مؤلف (المقداد بن الاسود) المجهول كان يرمي الى التأكيد على سعي الانسان وراء الافضل وبشكل عملي- حتى وان كان فرديا- في خير مجتمعه ونفسه وبالطريقة التي يفهمها المجتمع، مجتمع السيف والشعر والتناقض القبلي والتطاحن الاجتماعي بالضبط مثلما لايبدو معقولا مشهد (وبني) بطلة مسرحية (ياللايام الجميلة) لصموئيل بكيت التي نراها على المسرح غائصة مطمورة في صحراء قاحلة حتى وسطها بادئ الامر ثم تبتلعها الرمال حتى عنقها، لكنها لاتعبأ بمصيرها ولاتعيره انتباها بل تبتسم للحياة التي تقول عنها (انها وفيرة الروعة) كانها لاتقاسي منها شيئا يذكر بل يكفيها بيت شعر واحد لكي تمجد الحياة وتبتسم لها وهي تنتظر يومها الاخير. وقد اكد دعاة اللامعقول ان بيكيت قد عاد بالمسر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram