TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العالم يراكم

العالم يراكم

نشر في: 21 نوفمبر, 2009: 05:53 م

علي القيسيلا شك ان فساد ذمم بعض صغارالموظفين قد فجر جسرالثقة بين المواطن ودوائر حكومية خدمية عديدة، بعدما بات الفساد والرشوة اليوم هما الصفتين الغالبتين لهؤلاء الموظفين الذين لهم تماس مباشر مع المواطن الذي يرزح تحت وطأة حاجات اساسية من اجل العيش بأمان وكرامة.
 ولا اقصد بحديثي حيتان الفساد قطعاً ممن يعقدون صفقاتهم بمليارات الدنانير، اذ هؤلاء اصبحوا خارج رؤية العين المجردة ! لكننا نشم عفونة فسادهم من خلال الاخبار الفضائحية التي تنشرها وسائل الاعلام المختلفة بما فيها المواقع الالكترونية التي هي بحق لسان حال المستضعفين، الذين يخشون الوسائل الاخرى المتاحة خوفا من قوة وتحكم حيتان الفساد انفسهم. علّ هذه المواقع المجانية التي تتدفق منها المعلومات بيسر وسرعة تكون قوة ردع فعالة لهذه الحيتان المخيفة.. الشيء بالشيء يذكر.. حيث طفت الى سطح الاحداث عام 1988 عبارة " العالم يراكم " اطلقها المتظاهرون في براغ وهي وحدها كانت كافية لكبح جماح الشرطة في وقتها عن اذى المتظاهرين، يقصدون بها ان وسائل الاعلام تنقل الاحداث فيرى العالم تصرفكم، مع ان الوسائل انذاك لم تصل الى عشر ما وصلت اليه الان من تقدم . فهل يمكن للانترنيت اليوم ان يكبح جماح المفسدين ويسد شراهتهم بما يفضحه من فعالياتهم الشيطانية؟! وعود على بدء اقول: ان صغار الفاسدين الذين بدأت حديثي عنهم هم اشد بأسا من كبارهم، اذ أولئك لا نراهم او نحس بفسادهم مثل هؤلاء الذين في تماس يومي بهم ، فهم كالارضة تأكل من دون هوادة ما تبقى من اعتبارات ، وصور المفاسد التي يرتكبونها كثيرة ومتنوعة، امامنا صباحا، مساء،وما ان تفتح موضوعتهم امام الناس حتى تتدفق عليك مئات الحكايات والصور التي تتضمن انتهاكات حتى للكرامة الانسانية ، فقد بثني امس سائق الكيا في طريق عودتي الى البيت استياءه من تصرفات مفرزة هيئة النقل، التي ما ان مررنا بها حتى عبر عن خشيته منهم ،وقال: ان "اجازتي" حجزوها الصبح، ولم يفكها احدهم الا بعد ان قبض مني 25 الف دينار التي هي اجرتي، فالسيارة ليست لي انا عامل فيها" ..هذه الصورة تتكرر بأشكال مختلفة مع كثير من الناس وبعض الشر اهون من بعض ، وحين سألته لَِم لمْ تنقل شكواك للجهات المسؤولة عن هذا الموظف الفاسد؟ رمقني ساخراً ثم قال: "سلم البزون شحمة" فهم اتعس .. تبين لي ان صغار المفسدين اتعس من كبارهم ، وكلهم في الفساد سواء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram