وديع غزوان لا يمكن نكران ما شهده القطاع الصحي في إقليم كردستان من تطور واسع وملموس بين عامي 1991ـ2008 حيث ارتفع عدد المستشفيات من 27الى49وبلغ مجموع المراكز الصحية 780 مركزاً بعد ان كان 163كما ارتفع عدد صالات العمليات من 42الى 149
والأطباء من 701 الى3297والاختصاصات الطبية من 87 الى 788 . . غير ان هذه الأرقام لا يمكن عدها من الناحية الواقعية مؤشراً لمستوى مقبول في مستوى الخدمات المفروض تقديمها للمواطنين بحسب المقاييس العالمية، اذا أخذنا بنظر الاعتبار نسبة الزيادة المطردة في عدد سكان الإقليم ما يعني الحاجة الى جهود مضاعفة لتامين مستوى من الخدمات الصحية اللائقة. ومع ثقتنا بأن خطط حكومة الإقليم تتجه الى النهوض بهذا القطاع من خلال توفير التكنولوجيا الحديثة وزيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية وتشجيع إنشاء المستشفيات الأهلية (المحلية والأجنبية)، الا ان من المهم مراعاة التوازن والعدالة وعدم التركيز على مراكز المدن والعمل الجدي لوصول مثل هذه الخدمات الى ابعد نقطة في الإقليم.. كما ان هنالك ملاحظة لا ينبغي إغفالها في هذا الجانب تتمثل بالعلاقة الإنسانية بين الطبيب ومريضه التي ما تكون سمتها الغالبة في مجتمعاتنا التعالي ان لم نقل فقدانها نهائياً خاصة في المستشفيات الحكومية. لا نعرف على وجه الدقة درجة تأثير مثل هذه العلاقة بين المريض وطبيبه في نسبة الشفاء، لكن الدراسات العلمية أكدت أهميتها وفاعليتها في سرعة استجابة المريض للعلاج وبالتالي الشفاء، لذلك انكب الأطباء والمتخصصون في العالم على ابتكار وسائل بناء علاقات إنسانية بين الأطباء ومرضاهم. في العراق ومنه إقليم كردستان كنا نتباهى ونفتخر بقيم وإنسانية مهن ووظائف في مقدمتها الطب غير ان ما يؤسف له ان أسوأ ما في العولمة من مفاهيم مادية أكلت من جرف هذه القيم كثيراً وطغت على عدد من العاملين في هذه المهنة وسيطر على عقولهم الركض وراء الربح السريع. ما نطمح اليه ان نرى المستشفيات والمراكز الصحية قد وصلت القرى والمناطق النائية من الإقليم مع علاقات إنسانية تعيد لمهنة الطب بريقها وهي مسؤولية يشترك في تحملها الحكومة ونقابة الأطباء بل الأطباء أنفسهم. الملاحظة الأخرى التي نريد التذكير بها هي ان مسؤولية الحكومة في تحقيق مستوى متقدم من الخدمات الطبية والعلاجية تستلزم توفير اختصاصات طبية وهذا لا يتحقق دون استيعاب خريجي الكليات الطبية ضمن برنامج حكومي يدفعهم للمزيد من الدراسة ومواكبة التطورات في الجانب الطبي.. هذه الملاحظات وغيرها ممن لا مجال لذكرها اذا ما توفرت تجعلنا نقول اننا وضعنا أولى الخطوات لتطوير الواقع الصحي.
كردستانيات: الواقع الصحي
نشر في: 22 نوفمبر, 2009: 05:36 م