نهدي هذه الصورة الى من يهمه الأمر في الحكومة والبرلمان، قبل أن نهديها الى وزارة الصحة فليس غريباً أن يموت أطفال العراق على هذه الشاكلة البائسة . لكن أن يتزامن موت الصغير "موسى" مع عيد الطفل العالمي وبطريقة سريعة، من دون تشخيص حالته من قبل طبيب العيادة الشعبية ، فهذا أمر علينا أن نشير إليه وننبّه له. الصورة تشرح نفسها ولا تحتاج الى تعليق كبير .
الطفل "موسى" مات " في حضن أمه وهو في سنته الأولى بعد إن أصابته حمّى ، وهي حمى تبدو مألوفة لدى الأطفال مع أجواء الشتاء الباردة ، لكن غير المألوف هو انتشار انفلونزا الخنازير في بغداد والمحافظات ، والحمى أحد أعراضها. وطبقاً لتصريحات مسؤولين في وزارة الصحة فإن وفيات غير قليلة سجلت هنا وهناك . فقبل ليلة واحدة كان هذا الطفل يملأ البيت طفولة ، وحسب ما قال والده "عجيل زعيبل عجيل" أن ابنه لم يُصَب بمرض سابقاً وكانت صحته جيدة ؛ غير أن حمّى ليلية مفاجئة أربكت الطفل وأربكت ذويه .وبالتالي توجب إرساله صباحاً الى العيادة الشعبية في المنطقة ، وهي " سبع قصور" ويبدو أن الطبيب المتواجد في العيادة لم يكلف نفسه عناء فحص الطفل وتشخيص أسباب حمّاه، فاكتفى بأن يعطيه شراباً مألوفاً لمثل هذه الحالات لتخفيض درجة حرارته. غير أن الطفل وأثناء الرجوع الى البيت انتكس مجدداً وارتفعت درجة حرارته بشكل اصاب والديه بالقلق الى ما يُسمى عند العامة بـ " الشمرة " فاستنجد والده وأمه بمستشفى (ابن البلدي) في مدينة الصدر لمعاينته وإعطائه الدواء اللازم. لكن القدر كان قد سبق الوالدين، ليلقى الطفل حتفه في أحضان أمه حتى من دون أن تُعرف اسباب الوفاة ! "المدى" كانت متواجدة لحظة وفاة الطفل أثناء بحثها عن النواقص الخدمية في منطقة "سبع قصور" صباح يوم 22 – 11 – 2009 وصورت الإختلاجات الأخيرة لـ"موسى" وهو يغادر الحياة بطريقة عشوائية، فيها من الأسى الشىء الكثير ومن الألم ما يكفي لأن تبقى والدته في حالة سواد دائم وعذاب لا يعرفه إلا من يكابده. فالطفولة المغدورة تُشعر الآخرين بالذنب والقصور ! "موسى" ومن معه من الأطفال والصغار العراقيين الذين راحوا ضحية الإهمال والكسل في ظرف وبائي عام اجتاح العالم، وهو انفلونزا الخنازير، فالحالة التي كان فيها الطفل موسى يرافقها احتمال الإصابة بهذا الوباء، وربما غيره من الأمراض السريعة التي تقضي على الأطفال، فالظرف الخدمي والصحي عليه أكثر من علامة استفهام، خاصة في المناطق الشعبية التي لا تتوفر فيها أدنى الخدمات الإنسانية والصحية والاجتماعية، الأمر الذي يجعلها حاضنة مَرَضية كبيرة. ووزارة الصحة معنية بتقديم الخدمات الطبية في عياداتها الشعبية ومستشفياتها العامة وتوفير الكوادر الطبية المتخصصة الحريصة على تطبيب المواطنين بروح إنسانية خالصة بعيداً عن الكسل الوظيفي والإهمال الذي يتسبب بوفيات زهور عراقية وبراعم غضة في طريقها الى الحياة الطويلة. وليس "موسى" هو الطفل الوحيد الذي مات بالإهمال وعدم التشخيص الدقيق لحالته، فربما غيره ممن لا نعرفهم ولم يدركهم الإعلام قضوا ورحلوا بصمت.
فـي عيد الطفل .." موسى " مات في حضن أمه !
نشر في: 23 نوفمبر, 2009: 03:44 م