TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أقسام داخلية للموظفين!

أقسام داخلية للموظفين!

نشر في: 23 نوفمبر, 2009: 03:47 م

عدوية الهلالي في كل سيارة (كيا)، لابد من أن تعقد يوميا جلسة ديمقراطية تطرح فيها مختلف المواضيع وتجري مناقشتها من قبل ركاب الكيا فيختلف بعضهم مع البعض الآخر ويحتدم نقاشهم ويتطور الى خلاف ينتهي بنزول الركاب في مناطقهم أحياناً.. لكن موضوعا واحدا يظل موضع إجماع واتفاق بينهم بمجرد طرحه على طاولة نقاش الـ(كيا)
وهو معاناتهم من الازدحام والتأخير عن دوامهم الرسمي ومشاويرهم المهمة وحتى التزاماتهم الاجتماعية، اذ ان ركاب الكيا وكل ركاب المركبات الأخرى ومهما اختلفوا في أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم فكلهم يسعى نهارا الى وظيفته او باب رزقه او شانه الخاص يجمعهم هم واحد هو الرغبة في الوصول الى مقاصدهم بأسرع وقت ممكن. في واحدة من تلك الجلسات، بدا الموضوع بزفرة نفاد صبر من احد الركاب أعقبها لوم قاس من احد الموظفين للسائق لعدم اختياره طريقا اقل ازدحاما كان قد نصحه باختياره.. اندلقت عبارات انفعالية من السائق بدلا من الاعتذار الذي يقل استخدامه في الشارع العراقي غالبا لتوتر الجميع بفعل تراكم الضغوط المختلفة عليهم لدرجة ابتعادهم اميالا عن الاسترخاء.. لم يدم التوتر طويلا بفضل وجود نفر من الطلبة الجامعيين المعتادين على السخرية والضحك في أقسى الظروف اما لصغر سنهم وقلة حجم همومهم مقارنة بالكبار او لاختيارهم الضحك وسيلة للتغلب على عوائق الحياة التي تشمل العراقيين جميعاً. انبرى أولهم للسخرية من أسلوب تفتيش المركبات وفق نظرية (مرور الكرام) بعد انتظار طويل جداً ولا داع له، بينما ومضت في ذهن الثاني فكرة حولها الى اقتراح مطالبا ركاب الكيا بالتصويت على تأييده لما فيه من حل عملي لمشكلة تأخر الموظفين عن دوائرهم في الأقل وتراكم المعاملات (ناقصة التواقيع) اذ اقترح تخصيص أقسام داخلية للموظفين في دوائرهم او وزاراتهم ونزولهم في العطل الرسمية لزيارة عوائلهم واذا اعترضت الزوجات على غياب الأزواج يتم حرمانهن من رواتبهم! والموظفات؟.. تساءل احد الركاب منساقا وراء خيال الطالب، فجاء الجواب جاهزا من موظف ظل صامتا طويلا لكنه لم يجد بدا من المشاركة في اقتراح مثل هذا ليصب نقمته على زميلاته.." اقترح استمرار رواتبهن بشرط مكوثهن في منازلهن وعدم مزاحمتهن الرجال في العمل والطريق!! انطلقت ضحكات من هنا وهناك، وعلا الوجوم وجوه امرأتين من الراكبات فشعر الطلبة بتعقد الموضوع والدخول في تفاصيل تمس مساواة المرأة بالرجل وحقها في العمل، لذا فضلوا تغيير الموضوع فاقترحوا هذه المرة رفع سجلات (التواقيع) من الدوائر الرسمية نهائيا وعدم المحاسبة على الدوام.. لكن أحداً من الركاب لم يذكر شيئاً أبداً عن رفع الحواجز الكونكريتية نهائيا او تقليل عدد المفارز او تطوير أساليب التفتيش لاختصار الوقت.. ربما لأنها باتت مواضيع مستهلكة ولا حلول لها الا بالانتظار.. والصمت!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram