TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الإسلام الراديكالي يدقّ أبواب كمبوديا

الإسلام الراديكالي يدقّ أبواب كمبوديا

نشر في: 23 نوفمبر, 2009: 03:51 م

عبد الله المدني لعل الكثيرين لا يعلمون أن في كمبوديا طائفة إسلامية تسمى "أتباع الإمام سان". وهذا الأخير كان يوما ما أحد أبرز الشخصيات الإسلامية في البلاد وأكثرها حظوة لدى الأسرة المالكة. حيث تقول إحدى الروايات التاريخية أن عاهل كمبوديا في القرن التاسع عشر الملك "أنغ دوونغ" صادف الإمام سان في الغابة
 وهو في حالة تأمل وعبادة، فاندهش لما رآه إلى الدرجة التي قربه معها إلى البلاط الملكي و أغدق عليه الأراضي والهدايا و العطايا المتنوعة. وفي رواية أخرى نجد ثمة أقاويل تشير إلى أن الملك وجد في الإمام حليفا جاهزا ومستعدا لدعم الحكم الملكي المترنح وقتذاك، فكان ذلك سببا في ارتباطهما بصداقة. المهم أنه بمرور العصور صار لهذا الرجل أتباع (يقدّرون في الوقت الحاضر بنحو 37 ألف شخص، يتوزعون على عشرات القرى في طول البلاد وعرضها)، بل صارت لهم أيضا مناسبات دينية خاصة من أهمها يوم مولد الإمام سان الذي يحتفلون به في أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام في "يودونغ"، وهي مدينة ملكية قديمة تقع على بعد 30 كيلومترا من العاصمة "فنوم بنه". في هذه المناسبة التي تسمى "مولوت" (الكلمة محرفة من مفردة "مولود" العربية)، تجري احتفالات مزركشة تجمع ما بين أتباع المذهب القادمين من مختلف أنحاء البلاد، وفيها يتم التواصل وعقد صفقات الزواج ما بين أسر الفتيان والفتيات أيضا، والتي لولا تلك المناسبة لاستحال على تلك الأسر إيجاد عرسان لبناتها أو العكس. وتعتبر طائفة الإمام سان، هي الطائفة الإسلامية الوحيدة التي لا تخضع لتعاليم وسلطة مفتي كمبوديا الرسمي المعين من قبل الحكومة، بل أن أتباع الطائفة يرون أن التهديد الذي يلاحقهم ليس مصدره أتباع الديانات الأخرى الموجودة على الساحة الكمبودية كالبوذية والمسيحية والهندوسية والبهائية، بقدر ما هو تهديد ناجم عن ازدراء واحتقار إخوتهم المسلمين لهم بدعوى أن إسلامهم غير نقي ومرتبط بالحركات الصوفية أو اختلطت به التعاليم البوذية بسبب قرب الإمام سان من البلاط الملكي البوذي، خصوصا أن أتباع الطائفة يزورون المقابر ويقيمون الموالد، ولا يمانعون من بناء مساجدهم بجوار المعابد البوذية، بل لا يؤدون فريضة الصلاة سوى مرة واحدة في اليوم. غير أن أتباع سان الذين انحدر أجدادهم من فيتنام في القرن السابع عشر، ينظرون إلى أنفسهم على أنهم مسلمون أكثر التزاما وتوافقا مع مقاصد الإسلام الحقيقية من بقية مسلمي كمبوديا الذين ينتمون عرقيا إلى اثنية "تشام" والذين ظلوا إلى ما قبل سنوات قليلة يمارسون الإسلام الشرق آسيوي المتسامح والمعتدل على النمطين الماليزي والاندونيسي، قبل أن يظهر في صفوفهم من يبشر بالإسلام الشرق أوسطي المتشدد كنتيجة لما سمي بالصحوة معطوفا على تنامي العلاقات الاقتصادية والثقافية ما بين كمبوديا من جهة ودول الشرق الأوسط العربية وغير العربية من جهة أخرى، ودخول الجمعيات الدعوية والخيرية من الأخيرة إلى الأولى وقيامها باستغلال فقر وبؤس الشعب الكمبودي المنهك من الحروب الأهلية الطويلة لصالح أجنداتها الخفية عن طريق منح القروض الميسرة وإقامة المشاريع الخدمية وبناء المعاهد الدينية وتأسيس المصارف الإسلامية. و طبقا لمقابلة أجريت مع عجوز من أتباع الطائفة البارزين ويدعى " ايك بورت"، فإن الطائفة أخذت تنحسر من حيث أعداد أتباعها مقابل ارتفاع عدد المنضوين تحت لواء تيار الإسلام الكمبودي الأعرض، وذلك بسبب أنشطة تقوم بها الجمعيات السلفية وجماعة التبليغ الكويتية و جماعات أحمدية قادمة من الهند وباكستان، وضغوطات تمارسها تلك الجهات ضد أتباع الإمام سان من الشباب الذاهب للدراسة الجامعية في فنوم بنه كي يغير مذهبه. علاوة على ذلك صارت أنماط الجوامع الممولة من قبل هؤلاء مختلفة عما اعتاده الكمبوديون المسلمون عليها من حيث أشكالها الهندسية، وأيضا من حيث الطقوس التي تقام فيها والخطب التي تلقى بها. وبالمثل صارت ملابس المسلمين من اثنية "تشام" أقرب إلى ملابس الأفغان أو ملابس رجال الدين العرب منها إلى ملابس نظرائهم في ماليزيا، كما استبدل مفهوم الولاء للوطن بمفهوم الولاء للعقيدة والأمة. ولهذه الأسباب مجتمعة يبدي "ايك بورت" مخاوفه من احتمالات عدم تمييز الأجيال المقبلة مذهب الإمام سام وتعاليمه وطريقته الدينية المميزة. وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الأمور لم يكن لها وجود قبل عام 1975، بل أنه في الفترة ما بين عامي 1975 و 1979 التي كانت البلاد فيها رهينة في يد نظام الخمير الحمر بقيادة الجزار "بول بوت"، تم هدم ما لا يقل عن 132 مسجدا وإغلاق عشرات المساجد الأخرى كما تمت تصفية نحو تسعين ألف مواطن مسلم في حقول الموت من اصل إجمالي عددهم الذي كان يتراوح حينذاك ما بين مئة وخمسين ألفاً و مئتي ألف مسلم، بل لم ينج من مجازر الخمير الحمر سوى 21 عالم دين مسلم من أصل113 عالما (يقال أن عددهم اليوم ارتفع إلى 280 عالما). وبحسب مراكز الأبحاث المتخصصة في جامعات الغرب (جامعة ييل الأمريكية مثلا)، فإن مسلمي كمبوديا الذين يشكلون اليوم نسبة 1.6 بالمئة من سكان البلاد البالغ تعدادهم 12 مليون نسمة أو نحو 230 ألف نسمة، لم ي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram