TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حديث هادئ لهنري ميللر.. من مقدمة كتب فـي حياتي

حديث هادئ لهنري ميللر.. من مقدمة كتب فـي حياتي

نشر في: 23 نوفمبر, 2009: 05:15 م

ترجمة: ياسين طه حافظ غاية هذا الكتاب، الذي قد يستغرق مجلدات في السنوات القادمة، هي أن أتتبع قصة حياتي. انه كتاب يقدم الكتب بوصفها خبرة أساسية موحية. هو ليس دراسة نقدية ولا يتضمن برنامجاً لتربية النفس. واحدة من نتائج اختبار النفس، هي ما يصل إليها الكتاب.
انها الإيمان الثابت بأن تكون قراءة المرء أقل واقل وليس أكثر وأكثر. وكما تكشف نظرة الى قائمة الكتب في نهاية الكتاب، فأنا باحث ليست لي الحماسة للكتب، حماسة المثقف جداً. مع ذلك ومن دون شك، ما قرأته يظل أكثر مما قرأته لفائدتي. خمس الناس فقط هم قرّاء الكتب في أمريكا. كما يقولون. وحتى هذا العدد الصغير يقرأون أكثر مما يلزم. نادراً ما يعيشون حياتهم بحكمة و امتلاء. هنالك دائماً كتب ثورية مغيرة، كما يعبّرون. هي كتب موحاة وموحيه. وهي كتب قليلة ومتباعدة طبعاً. يكون الإنسان محظوظاً إذا حظي بعدد قليل من هذه الكتب في حياته. علما بان هذه الكتب هي ليست تلك التي تغزو عموم الناس. انها الذخيرة المُخَبّأة التي تغذّي ناساً أقل موهبة لكنهم يعرفون كيف يميلون لإنسان في الشارع. الحجم الكبير للأدب في الشارع، هو من أوصل لي هذه الفكرة. المسألة التي لا تُحَلّ – يا للعجب! هي إلى أي مدى سيكون هذا الكتاب فاعلاً ليستر الكمّ المنهال من العلف الرخيص؟ الشيء الوحيد الأكيد اليوم هو أن الأُميّ ليس هو الأقل ثقافةً بيننا. إن كانت المعرفة أو الحكمة هما ما نبحث عنهما فالأفضل إن نتجه مباشرة إلى مصادرهما مباشرة. وهنا لا يكون المصدر هو الدارس أو الفيلسوف ولا الأستاذ ولا القديس أو المعلم، بل هو الحياة نفسها. تجربة الحياة المباشرة .. الشيء نفسه بالنسبة للفن. هنا أيضاً يمكن أن نعفي "الأساتذة". حين أقول الحياة فأنا، للتأكيد، احمل في ذهني نوعاً آخر من الحياة غير التي نعرفها اليوم. احمل في ذهني نوع الحياة التي تحدث عنها د.هـ. لورنس في Estrucan Places أو تلك التي تحدث عنها هنري آدمز "حين حكمت العذراء عالم البراءة". في هذا العصر الذي نعتقد فيه بان هناك منفذاً قصيراً الى كل شيء، يكون الدرس الأعظم الذي يجب تعلمه هو ان أصعب الطرق في السباق الطويل، هو الأسهل. كل قدّم في كتب، كل تلك التي بدت حيوية جداً ومقنعة، إنما هي بعض ضئيل مما بمقدور أي شخص ان يستفي منها. كل نظرياتنا في التربية تقوم على فكرة غامضة تقول اننا يجب ان نتعلم السباحة على الأرض قبل النزول الى الماء. هذه الفكرة او النظرية تُطبّق على الفنون مثلما تطبق على المعرفة. الناس لا يزالون يُعَلمَّون كيف يبدعوا من دراسة أعمال الآخرين. او ان يرسموا خططاً او تخطيطات لا لكي تتجسّد. يُعلّمون الكتابة في الصفوف المدرسية بدلاً من ان يُعلّموها في زحام الحياة. لا يزال الطلبة يُعْطَون نماذج يُفْتَرَض إنها تلائم كلّ مزاج وكل ذكاء. فلا عجب إذن في إننا ننتج مهندسين وخبراء صناعيين أفضل مما ننتج حتى رسامين. اعتبر مواجهاتي للكتب شبيهة بمواجهاتي لظواهر الحياة الأخرى أو للفكر. كل المواجهات مختلطة الأشكال وليست منفصلة. بهذا المعنى، وهذا المعنى فقط، تكون الكتب بعضاً من الحياة كما هي الأشجار والنجوم أو الروث! ليس لي خلاف مع الكتب لذاتها كما اني لا أضع المؤلفين في أي مرتبة أخرى متميزة. هم مثل بقية البشر، لا أفضل ولا أسوأ. أنهم يستثمرون القوى التي وُهِبوا مثل أي نمط آخر من البشر. وإذا دافعت عنهم الآن ومن بعد، بوصفهم طبقة- فلأنهم لم يحققوا المكانة والتقدير اللذين يستحقونهما. العظماء منهم غالباً أكباش فداء. فلأنظر الى نفسي وقد كنت قارئاً احب رؤية انسان يشق طريقه خلال غابة، ولم يكن هدفي العيش في غابة- انما للخروج منها! قناعتي الثابتة بألاّ ضرورة للعيش في غابة الكتب هذه. الحياة غابة كافية. غابة حقيقية جداً ومتنوّرة جداً، وهذا اقل ما يقال فيها. ولكنك قد تسأل: ألا يمكن أن تكون الكتب عوناً، تكون دليلاً لشقّ طريقنا خلال الادغال؟ قال نابليون "لا تبتعدوا كثيراً حتى تعرفوا الى اين" "Nira pas lion celui qui sait dlavance ou it veut allen غاية هذا العمل الأولى هي إيجاد ملاذ حيث الحاجة إلى الملاذ. ومهمتي، اعلم سلفاً مستحيلة التحقيق لكنني انزل على ركبتي لأشكر كل عشبة وان ارفع رأسها. ما يستهويني في هذا العمل اللامجدي هو حقيقة اننا عموماً نعرف القليل جداً عن المؤثرات التي تشكل حياة الكاتب وعمله. الناقد في أفكاره المتباهية وصولجانه يحرِف الصورة الحقيقية الى ما وراء أي إدراك. والمؤلف مهما رأى نفسه صادقاً، فهو لا مناص قد أعطى الصورة غير شكلها. هي تأتي منه متنِكرّة. والسيكولوجي ببعده الواحد في النظر إلى الأشياء، لا يقول اكثر مما يعمّق الغموض. وأنا، مؤلِفّاَ، لا أرى نفسي استثناءً من القاعدة. انا أيضاً أأثمُ في التغيير والتحريف. وفي تغيير مظهر الحقائق- إن كانت هناك "حقائق". لقد انتهى جهد الوعي بالنسبة لي إلى خطأ في الجانب الآخر. بينما أنا في جانب الإلهام إذا لم اكن دائما في جانب الجمال، الحقيقة، الحكمة، الانسجام والكمال دائم التطور. في عملي هذا أقدم قائمة بيانات طازجة لكي تُحلَّل وتُحاكمَ أو تُقْبَل ويتَمتّع بها لأج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram