علي حسينكثير من علماء التنوير لم يبالغوا حينما اكدوا ان المسلمين يتحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية التحديات المعاصرة بسبب الممارسات الخاطئة لبعض ممن ينتسبون للاسلام ويسيئون اليه، وفي مقدمتهم فئة انتمت للتيارات الاسلامية السياسية الذين يعيشون في عالم بعيد كل البعد عن واقع الحياة ،
ومايدور فيها من احداث ويحاولون بجهلهم تغييب العقول وترسيخ فكر متطرف في طروحاتهم .. الغريب ان هذه الفئة تتحدث بتعاليم الاسلام وهي ابعد ماتكون عن تنفيذ تلك التعاليم ، فقد امرنا الاسلام بتطبيق مبدأ الوسطية والاعتدال ومخاطبة العقل ومسايرة الواقع ومراعاة شروط الحياة وتنوير عقول الناس بالافعال السليمة ، لكننا نجد امثلة صارخة تعكس صوراً لما يحدث من انتهاكات لتعاليم الدين الحنيف بكل اشكاله وصوره على ايدي اناس اصابهم الجمود والتسطح في التفكير. وبعد ان عانى العراقيون من فتاوى الارهاب التي قادتها مجاميع وشيوخ يرفعون لواء الاسلام وهم بعيدون عنه فكرا وفعلا ، نجد من يحاول ان يصدر تقليعات وافكاراً متخلفة وباسم الاسلام ايضا. اذ عقب محاصرة الفتيات الصغيرات في الناصرية لاجبارهن على ارتداء الحجاب ، وتقليعة اطلاق اللحى وحرمة حلاقتها التي يؤكدها كثير من المسؤولين ويشرّعون لها ، وبعد ان اختفت كلمة رفيق من مؤسسات الدولة لتستبدل بكلمة (الحجي)، وبعد ان قررت بعض مديريات تربية الرصافة فصل الفتيات عن الفتيان في المدارس الابتدائية اتقاء لشر الشيطان الرجيم، وبعد ان عملت محافظة النجف على فتح فروع مصرفية خاصة بالنساء كي لاتدنس ايدي الرجال النقود التي تتعامل بها النسوة، بعد ذلك كله ظهرت علينا تقليعة جديدة قادها مجلس محافظة واسط مشكورا، فقد ذكرت رئيسة اللجنة الاعلامية في مجلس محافظة واسط ان المجلس قرر، الخميس، تعيين محرم واحد لكل عضوة في المجلس.واوضحت سندس الذهبي ان المجلس “قرر تعيين محرم واحد لكل عضوة في المجلس بصيغة عقد مؤقت وبراتب شهري يبلغ مئتي ألف دينار،واضافت ان القرار “جاء لمقتضيات المصلحة العامة وبناء على الطلب المقدم من قبل عضوات مجلس المحافظة المتضمن حاجتهن إلى مرافقين شخصيين من المحارم نظرا للظروف الاجتماعية والعرفية في المحافظة..طلب معقول في مجتمع يسعى الساسة فيه الى تكريس مبدأ مصلحة الاقارب والاعوان. واتمنى من الجهات المسؤولة ان تعممه على مؤسساتها كافة بأن تعين محرما لكل موظفة تعميما لمبدأ المساواة في الفوائد.ولا ادري لماذا قررت النسوة الموقرات في محافظة واسط الترشيح لمجالس المحافظات مادمن لا يستطعن السير خطوة واحدة بدون موافقة المحرم ؟ وكيف سيمارسن مهامهن الادارية والسياسية اذا كن بحاجة الى حماية الرجل في كل شيء..ولم تخبرنا الناطقة الاعلامية بالظروف المحيطة بعضوة المجلس والتي تمنعها من ممارسة عملها دون محرم..واذا كانت الخطوة للحفاظ على عضوة المجلس وصيانتها شرعيا فما الداعي لتخصيص راتب للمحرم ؟ وما الصفة الوظيفية التي ستثبت في عقد تعيينه؟ ثم ان كن مصرات على هذا المحرم وانه يدخل ضمن الاستخدام الشخصي فليدفعن للمحرم من رواتبهن والتي اعتقد انها تبلغ حفنة من الملايين.. ولاندري هل ستتقدم احدى العضوات بطلب جديد بان توضع ستارة بينهن وبين باقي الأعضاء لابعاد الشبهات واتقاء شر المغريات ؟ وحتما سيلجأن الى احد الاقارب من اصحاب محال الستائر لتجهيزهن بهذه الستارة ايمانا بمبدأ (منفعة الاقارب والاحباب). انها فكرة مبتكرة واتمنى ان يمنح اصحابها براءة اختراع لجهودهم في ايجاد حل لمشكلة كبيرة يعانيها قطاع واسع من ابناء الشعب واعني بها البطالة. واتمنى ان تعمم هذه التجربة بعد نجاحها في محافظة واسط على باقي المحافظات، وايضا على الوزارات كافة. فلا يعقل ان تتمتع عضوة في مجلس محلي بامتيازات لاتتمتع بها عضوات في البرلمان ووزيرات، بل واتمنى ان يحذو السادة النواب حذو زميلاتهم ويطالبوا بمرافقة (محرمة) لكل نائب عملا بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل ، بهذه الطريقة العبقرية سنقضي على ظاهرة البطالة المتفشية في المجتمع ونكون بذلك اول دولة تبتكر حلا مفيدا لهذه الظاهرة.
فــــارزة: البحث عن مَحْرَم
نشر في: 23 نوفمبر, 2009: 08:47 م