* أساليب التفرد فـي عالم الرأسمالية الحديثترجمة: بشرى الهلاليعن النيويورك تايمز في مراحل الشباب، كلنا يبحث عن الجمال والمتع المرتقبة والمكافآت في عالم مدهش مليء بالجمال. تجربة الحياة نفسها تبدو كافية لتجعلنا مشغولين وسعداء. لذلك نقع في الحب، نذهب إلى العمل وقد نحقق النجاح وهكذا تمر السنوات. وفي السنوات اللاحقة،
نصبح فلاسفة عن غير قصد، وفاة أحد الوالدين بشكل غير متوقع، أطفالنا الذين يكبرون فجأة ليعيشوا حياتهم الخاصة كما هو الحال اليوم، وربما يفقد العمل قيمته فجأة. وقبل ذلك بوقت طويل، كنا نقطع المسافات سيرا ونحن نفكر ونتساءل بحيرة: ما الذي يجعل للحياة معنى؟ كيف ينبغي لنا أن نعيش أيامنا القليلة جداً على هذه الأرض؟ وما هو المهم حقا؟ كتاب كيث توماس "نهايات الحياة" يلقي نظرة فاحصة على السبل التي يسلكها الناس للإجابة على هذه الأسئلة الناس منذ أوائل القرن السادس عشر الى أواخر القرن الثامن عشر. وللقيام بذلك، هذا المؤرخ المثقف ومؤلف كلاسيكية "الدين وتحلل السحر" (1971)، حقق في ستة دوافع كانت منذ البداية ولا تزال أهدافاً تقليدية تحركنا للحياة: التفوق العسكري، والعمل والمهنة، الثروة والممتلكات، الشرف والسمعة، والصداقة والحياة الاجتماعية، الشهرة والآخرة. في كل حالة، يقدم المؤلف دليله بالتفصيل من خلال اقتباسات من مؤلفات، مذكرات، شهادات محكمة وغيرها من الوثائق. وبالنظر لأسلوب كتابته، فقد تميز كتاب بطريقة خاصة في الترابط النثري والعبارات الرشيقة والساخرة أحيانا لتجعل "نهايات الحياة" كتابا تبعث قراءته على السرور. يفتتح الكتاب فصوله بأولها الذي يتحدث عن فكرة الإنجاز الشخصي في زمن الدين عندما كان الدين يتضمن فكرة إنه لا يوجد الكثير مما يستحق العناء على الأرض سوى العمل للحياة الآخرة. بصفة عامة، كان من المفترض أن يكون جميع الناس راضين بنصيبهم، وما يهمهم هو العمل لنيل الخلاص من ضمنه، سواء إن كان مكتوبا لهم من الله أن يكونوا فلاحين أو أرستقراطيين. "أولئك الذين فشلوا بمعرفة التوقعات التقليدية،" يقول توماس، "سواء في دينهم أو أذواقهم أو سلوكهم الشخصي، كانوا يتهمون بذنبهم الكبير "الفردية" أي "بالجري خلف ملذاتهم الخاصة وغرورهم". "رغبتهم في أن يحيوا لأنفسهم وأن يكونوا مختلفين عن غيرهم"، ويحذر رجل الدين من إن "تلك هي روح شريرة كانت سببا في الكثير من الشر في العالم منذ البداية". ومع ذلك، خلال القرن السابع عشر، نما مفهوم الفردية والتفرد الشخصي بنسبة أكثر انتشارا من أي وقت مضى. منذ فترة طويلة، أكد أرسطو على أن كل إنسان ينبغي له أن يسعى إلى إدراك طبيعته الداخلية، أما الآن، فإن "المحرك العظيم وراء الشعور بالهوية الفردية كان نمو اقتصاد السوق، وعلى أية أرض يمكن للسلع والعمل يمكن أن يباع ويشترى. الفرص الاقتصادية الجديدة أدت إلى المنافسة الشخصية والتنقل. لقد وسعت نطاق الاختيار الشخصي في مسائل مثل الملابس والمعدات المنزلية، وعززت سلوكيات الامتلاك والأنا التي أصبحت شائعة بشكل متزايد". سرعان ما أرتفع الناس إلى ما فوق مستواهم: كان والد إسحاق نيوتن غير قادر على التوقيع باسمه. وفي 1630، استطاع الطبيب الكاتب توماس براون ان يكتب "كل رجل يعيش حقا، طالما أنه يعمل على طبيعته، أو بطريقة ما تساعد على تحسين صفاته". يفتتح توماس الفصل الثاني وهو يستدعي إلى الذهن غيبون أو ماكولاي : "منذ زمن سحيق، كل المجتمعات التي تعتمد على القوة للاستيلاء والاحتفاظ بها من وسائل عيشهم على اعتبار إن الشجاعة البدنية هي البرهان الأعلى للرجولة". فللنبلاء، البسالة العسكرية هي شريطة التحقق من حياتهم، وليس هناك موت مرغوب فيه أكثر من الموت بمجد في ميدان المعركة. ولكن حتى هذا المثل الأعلى البطولي أطيح به تدريجيا من قبل النموذج المدني للذكورة"، مع التأكيد ليس على القوة البدينة، بل على قوة الشخصية. فدحر مشاعر رجل واحد يعتبر أقسى بكثير من دحر أكبر عدد من الرجال الآخرين." في فصله الثالث، يوضح توماس كيفية العمل حيث يقوم أصلا بسبب الحاجة الاقتصادية أو القهر البدني والتي يمكن أن تكون مفيدة في حد ذاتها. فالعمل اليومي قد يكون شاقا، لكنه مهنة، حرفة وضرورة، وبالتالي أصبحت أوقات الفراغ هي الوضع النشاز. فالعاطلون، كما يقول توماس جيفرسون "هم فقط البؤساء"، بينما أكد ماركس في نهاية المطاف إن فكرة العمل الراديكالية يمكن أن تكون الشكل النهائي لتحقيق الذات. وهكذا يخلص توماس الى القول أنه اليوم، "لا تعلق المكانة الرفيعة على كثرة أوقات الفراغ، كما كان الحال في الماضي أيام النبلاء، بل تقاس بالغوص في مستنقع العمل، في مناقشة الثروات والممتلكات"، وتوماس يحدد بدقة الترف ووصفه بأنه "وجوه الإنفاق غير المناسب لشراء المكانة الاجتماعية"، فالأرستقراطي يعتبر إن البذخ هو ودليل على أهميته، وبعد ذلك يتناول مفاهيم معقدة من الذوق والموضة. ويستشهد برأي الباحث وليام Leiss، الذي يعتبر بأنه في العصر الحديث فإن "الفردانية تتحقق عن طريق تجميع مجموعة فريدة من ا
إيجاد الـ(الأنا) فـي الحياة
نشر في: 4 ديسمبر, 2009: 04:51 م