عباس الغالبي تناهت الى مسامعنا خلال الايام القليلة الماضية تصريحات من قبل بعض أعضاء مجلس النواب ينتقدون فيها تأخير وارجاء القوانين الاقتصادية المهمة الى الدورة الانتخابية المقبلة. وبغض النظر عن الدوافع التي دعت هؤلاء النواب إلى اطلاق العنان لتصريحاتهم هذه،
إلا ان الاجدى بهم ان يكونوا اكثر حماسة في الفصول التشريعية السابقة من عمر مجلس النواب، لاسيما ان قانون النفط والغاز مثلا ظل يراوح في اروقة البرلمان لاكثر من عامين وخضع لتعديلات وتجاذبات كثيرة من دون جدوى، فهو القانون الاكثر أهمية من بين القوانين الاقتصادية المطروحة على المجلس بغية أقرارها انطلاقا من الاهمية الكبيرة للقطاع النفطي الذي يعتمد عليه الاقتصاد العراقي بما نسبته 95%، ويمثل النفط مصدر الدخل الوحيد في ظل تعطل القطاعات الانتاجية الاخرى وسبات التجارة والسياحة وعدم وجود منظومة ضريبية واضحة المعالم، وهيمنة النشاط الحكومي على مختلف القطاعات الاقتصادية وانحسار دور القطاع الخاص. وتمثل العائدات النفطية جل الواردات المالية مايجعل مسألة إصدار قانون ينظم عملية اكتشاف واستخراج وانتاج وتصدير النفط غاية في الاهمية لاسيما ان التداعيات السياسية والامنية تلقي بظلالها على القطاع النفطي بمختلف مراحله ومحاوره، فضلا عن الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يوفرها القانون واعطاء رسالة اطمئنان للشركات العالمية المتطلعة للاستثمار النفطي في العراق ذلك ان هذه الشركات تبحث دائما بالاضافة الى الامن عن البيئة القانونية التي تضمن حقوقها، وهذا مايفتقده القطاع النفطي حاليا في ظل تأخير وارجاء اقرار قانون النفط والغاز تحت دواع تسوقها الطبقة السياسية بأنها تتعلق باختلاف وجهات النظر حول حيثيات القانون بين الكتل والاحزاب السياسية، وكأن الامر اتفاق أو اختلاف سياسي من دون اعتبار ان الامر يحمل ابعاداً اقتصادية اكثر من الابعاد السياسية ذلك ان هذه الثروة هي ليست مكسبا لمرحلة بعينها او حكومة معينة بقدر ماهي مكسب وطني لجميع فئات وشرائح الشعب العراقي من دون تمييز أو مفاضلة. ولم يتعلق الامر بقانون النفط والغاز فحسب، فهنالك أيضا قوانين تتعلق بقطاعي الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة وهي غاية في الاهمية وماكان لها ان ترحل الى الدورة الانتخابية المقبلة لولا التداعيات السياسية التي غلفت الحياة البرلمانية وأبعدتها عن تلك القوانين المهمة.
من الواقع الاقتصادي: قوانين مؤجلة
نشر في: 4 ديسمبر, 2009: 06:32 م