اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > آرثر ميلَر.. التحرر من الوهم

آرثر ميلَر.. التحرر من الوهم

نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 04:21 م

ترجمة: عادل العامل يمكن القول إن مقدمة أرثر ميلر لمجموعة قصصه القصيرة الأولى عام 1967 لن تُسر المناصرين الأكثر تفاؤلاً لها النوع الأدبي ــ و ليس ذلك فقط لاحتفاظها بخطأ تهجئة "همنغوَي". ففكرة أن القصص القصيرة، كما يقول، " أمور عَرَضية تقريباً في الطرف المنخفض من ميزان الكِبَر أو الأهمية magnitude " هو سعيد تماماً بتقبلها.
و هذا هو بالضبط السبب في أنه يتمتع بكتابتها. فهي، بالنسبة لكاتب مسرحي، فرصة للهرب من "الحرارة الفظيعة في مركز المسرح" من أجل شيءٍ ما أقل مهابةً و أكثر تواضعاًً. و تمضي يقية الكتاب في طريقها انتصاراً لهذه التصورات، كما يذكر جيمس ولتون في عرضه هذا. فالـ 18 قصة ــ التي تتضمن المجموعتين المنشورتين خلال حياته، و ثالثة، (حضور Presence)، المنشورة بعد موته ــ تنقصها القوة الساحقة التي تتَّسم بها أفضل دراما ميلر. و لو أن التعويض عن هذا حسٌ بالحميمية غني بل و مؤثر. و مع استثناءات قليلة، فإن هذه القصص ليست جيدة فقط، بل و جيدة بطريقة يمكن أن تأتي بحق كإلهامٍ للمعجبين بميلر. " إنني أشعر بأني أعرف تشيخوف من قصصه بشكل أفضل مما في مسرحياته "، كما يقول في نفس تلك المقدمة ــ وبعد قراءة الواحد منا لمجموعة (حضور) يكون لديه الشعور نفسه عنه. وهذا ليس فقط لأن بعض المادة يتّسم بالسيرة الذاتية. " فقصة "أنا لا أحتاجك أكثر من ذلك " تدور حول ولد ينشأ في أسرة يهودية نيو يوركية لأبٍ أمّي. و "أرجوك لا تقتل أي شيء" تصور رجلاً في منتصف العمر مع زوجة فاتنة لكنها هشة عاطفياً. ("إن توهج وجهها و الشكل المذهل لجسمها"، كما يقول في القصة، هما بالضبط صفتان من الصفات المماثلة لمارلين مونرو عند العرض). وبدلاً من هذا، فإن ما يجعل قراءة الكتاب يعطي إحساساً بالحصول على وسيلة وصول مميزة إلى ميلر هو أننا نبدو باستمرار حاصلين على لمحة للشكوك الخاصة وراء الأمور المؤكدة المنعشة لحياة ميلر العامة و مسرحياته، أو ألمه المتواصل، بالنسبة لبعض النقاد. و لقد قال ذات يوم أنه عند كتابة (البودقة The Crucible) " كلما عملتُ أطول شعرت بأني على يقين أكثر... و كانت هناك لحظات كان فيها ضمير فرد باستطاعته تماماً أن يحفظ العالم من السقوط ". وفي (حضور)، يبدو أقل يقيناً بكثير، مع كثير من الشخصيات، خاصةً في القصص المتأخرة، في ما يتعلق بسياسة اليسار في شبابها مع شكوكيةٍ تبلغ أحياناً خيبة الأمل أو التحرر من الوهم disillusionment. وفي قصة " فتاة عائلية Homely Girl " عام 1992، مثلاً، تنظر جانيس سيشَنز إلى وراء بارتباك بشأن عاطفة الثلاثينيات الراديكالية. " حين أفكر بالكتّاب الذين أعتقدنا جميعاً بأنهم كانوا مهمين كثيراً، و ما عاد أحد يعرف أسماءهم... ذلك الأدب بكامله اضمحل ببساطة. انتهى ". و كان زوجها، من جانبه، رجلاً مستقيماً معادياً للفاشية إلى حد أنه و هو يقاتل في أوروبا اغتصب بشكلٍ مثير امرأةً ألمانية! هذه الموضوعات تبلغ الذروة في القصة ما قبل الأخيرة، " مقطر التربنتينة ". فمارك ليفن، الذي " صار يشك في أن السياسة قد غيّرت السلوك الإنساني نحو الأفضل حقاُ "، يقوم بزيارة إلى هايتي في الخمسينيات و يقابل مواطناً أميركياً مثالياً يحلم بتحويل حيوات أهل الجزيرة من خلال تصنيع زيت التربنتينة من الأشجار الهايتية. و بعد ثلاثين سنة و قد أصبح أرمل (يكتب ميلر بقوة كبيرة في هذه القصص المتأخرة حول قدرية weirdness تعميرك أكثر من معاصريك)، يعود ليفن إلى هايتي و يكتشف أن المشروع قد فشل. و كل ما تبقَّى هو معمل تقطير مدمَّرفي غابةٍ مدمرة في بلدٍ مدمَّر. و أنا لا أشير هنا إلى أن القصص تمثل بالضرورة وجهات نظر ميلر الحقيقية. فكما نعرف، يمكن للشك و الإيمان أن يتعايشا في عقل أي واحد ــ و الغرض من الأدب القصصي هو استكشاف وجهات نظر بديلة. و المجموعة القصصية، على كل حال، توفر قطعةً فاتنة و مفيدة مصاحبة لتعابيره العامة المثيرة المعروفة. و كما قال في وقت متأخر في عام 1987،" فإن مهمة المسرح هي تغيير، تصعيد وعي الناس بإمكانياتهم الإنسانية ". و هو هنا، بالمقارنة، يؤكد باستمرار عدم قدرة الناس على التغيّر ــ و يبدو أكثر إدراكاً بكثير لحالات العجز الإنساني. عن/Telegraph

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram