كاظم العراقيلا نقول جديدا حين نقرر أن الإنسان لا يولد كائناً اجتماعياً متكاملا يعي معادلة الحقوق والواجبات، الأساس الأول لديمومة أي مجتمع، من دون الشروع بتعلمه ألف باء العيش مع الآخرين، وكلما سلمت العملية التعليمية من المخاطر والمعيقات وتطورت، سلمت الموجهات الاجتماعية وتطور المجتمع .
العراقيون يتذكرون، وهو على أية حال ليس بماض بعيد، أن خرابا كبيرا لحق بالعملية التعليمية مثلما لحق بجميع مرافق الحياة، أحدثته السياسات المختلة لـ(القائد الضرورة)، حتى أمسى بائع اللبلبي وبائع السكائر وبائع الببسي على أي رصيف من أرصفة الشوارع أوفر حظا واسعد حالا . وهي سعادة وهمية في كل الاحوال، من أي مدرس او معلم او موظف تربوي، وقد بلغ مرتبه الشهري ما يعادل الدولار ونصف الدولار شهريا، لا يمكنه، مهما تفنن واجتهد، ان يغطي بها أجور نقله، طبعا بالتاتات والكوسترات، ولمدة أسبوع فقط . السياسة كانت برنامجا للتجهيل المقصود، معدا بعقل شيطاني ينضح بالشر والحقد على هذا الشعب المغلوب على أمره. واليوم بات المواطن العراقي يلمس وبصورة مؤلمة كيف ان أعداداً كبيرة من طلبتنا لا تفك الخط على الرغم من بلوغها مراحل متقدمة من التعليم، على العكس مما كان عليه حال تعليم أبائهم سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، ونحن نعرف ان ميدان التعليم شأنه شأن ميادين حياتنا الأخرى، ليس منفصلاً عن طبيعة المرحلة التاريخية الفاصلة التي تعيشها بلادنا اليوم وقد ورثت من ضمن ما ورثته تركة ثقيلة من الخراب المستشري في جسد العملية التعليمية وروحها، ولكن نحن نعتقد أيضاً أن موضع اهتمام الحكومة بتلك العملية لم يزل ناقصا وليس متوائما مع قيمة دورها الاني والمستقبلي في إصلاح الخلل الأخلاقي الحاد في سلم الثوابت الخلقية للشخصية العراقية، وما يتبع ذلك من تأسيس صحيح لمجتمع ايجابي معافى يمكن له الإسهام في دفع عجلة الرقي الإنساني. واليوم أحرى بالحكومة وبشتى مفاصلها ايلاء الاهتمام والرعاية المناسبين بإعادة الهيكلية التعليمية على وفق احدث المناهج العالمية ورصد أقصى ما يمكن من المقدرات المادية والفنية لسير تلك العملية. وينبغي التذكير بالأهمية القصوى للالتزام بضوابط قانونية وقسرية تشكل ضمانة وحصانة لخلق أجيال حقيقية قادرة على فهم المسؤولية ومن ثم تحملها.
أجيال متعلمة
نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 04:54 م