بعقوبة/ وكالاتوقف فؤاد سليم النعيمي (61 عاما) كغيره من الآباء العراقيين، الذين يبحثون عن «العدالة»، ذلك «الأمل» الذي ينتظر الجميع تحقيقه، امام بوابة قيادة الشرطة في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى في انتظار خروج نجله المحتجز منذ عامين.
ويتوافد العديد من العراقيين يوميا الى مقر الشرطة في بعقوبة، والأمل يحدوهم في أن يجدوا جوابا يشفي صدورهم من القلق على ابنائهم المعتقلين او المفقودين على خلفية عمليات العنف الطائفي والهجمات ضد المدنيين التي تشهدها ديالى منذ عام 2005. وقال النعيمي، الذي يعمل حارسا في مدرسة ابتدائية في قرية زراعية بمدينة المقدادية بحسب وكالة انباء (شينخوا)، «لقد لاح الأمل في الافق، بعد أن قررت العدالة التي كنت انشدها منذ عامين الافراج عن ابني وليد». وتابع انه تلقى اتصالا هاتفيا من ابنه، الذي اعتقل من قبل القوات الامريكية بدون مذكرة قضائية، والقي به في السجن بدون أي سبب، يخبره فيه أنه سيتم اطلاق سراحه. واضاف النعيمي «لهذا جئت مسرعا لاحتضانه والعودة به إلى البيت»، مؤكدا «أن العدالة أمل يتمنى تحقيقه الجميع، لانها بالفعل تنشر في النفوس الطمأنينة والامان». وكانت محافظة ديالى قد شهدت منذ عام 2005 عمليات عنف طائفي وهجمات ضد المدنيين، وهو ما دفع القوات الامريكية احيانا الى اعتقال العديد من الاشخاص لمجرد الاشتباه، ما ادى الى وجود العشرات من الأبرياء في السجون. بدوره، قال احد الفلاحين ويعمل في القرى الجنوبية لمدينة بعقوبة ويدعى شاهر (65 عاما) «منذ عام ونصف تقريبا آتي إلى مقر قيادة الشرطة بحثا عن جواب طالما أطرحه على المسؤولين الامنيين، وهو «هل اعتقلتم أو توصلتم إلى قاتلي ابني جاسم؟». ويتذكر شاهر بحسرة كيف قتل ابنه جاسم (20عاما)، قائلا انه اغتيل برصاص اطلقه مسلح ينتمي إلى تنظيم القاعدة، مشيرا الى انه يعرف القاتل، وقام بتسجيل دعوى قضائية في احد مراكز الشرطة القريبة من منزله، لكنه يواصل الذهاب إلى مقر شعبة التحقيقات في مقر الشرطة خصوصا عندما يعرف باعتقال عناصر مسلحة على أمل القاء القبض على قاتل ابنه. وشدد على انه يحلم بالعدالة التي تنزل القصاص بمن كان وراء فقدانه لـ «فلذة كبده»، معتبرا ذلك أمنية حياته الاخيرة التي يسعى وراءها باستمرار. وخلال حديثه مع باقي الآباء القادمين للبحث عن مصير ابنائهم أو الساعين لمعرفة جهود الشرطة في ملاحقة القتلة، قال شاهر «نبحث عن العدالة التي تطمئن اليها النفوس، وتشعرنا بالامان بعد سنين قاسية جعلتنا نهرول باحثين عن مصير اولادنا، فمنهم السجين بدعوى كيدية، واخر اعتقل للاشتباه به، أو ابن قتل بدم بارد من قبل مسلح يؤمن بفكر الجماعات المتطرفة».وبعد هذه الكلمات التي اصغى اليها مواطنون آخرون يجلسون على بعد امتار من البوابة الرئيسية لمقر شرطة بعقوبة، ينتظرون الامل في انهاء معاناة لازمتهم وعوائلهم منذ اشهر بحثا عن مصير ابنائهم، قال جواد عبد الخالق نشمي (62 عاما) موظف متقاعد، إن ولده عقيل (28 عاما) وجهت له تهمة كيدية بانه ساهم في التهجير القسري للعوائل والانتماء للجماعات الخارجة عن القانون. واضاف نشمي أن ابنه القي القبض عليه منذ عدة اشهر، ولم تستكمل لحد الان اجراءات التحقيق معه، واصفا الادلة التي طرحت ضده بانها «باطلة وغير قانونية». واعرب عن ثقته بالعدالة التي يبحث عنها في جلوسه قرب مقر قيادة الشرطة ،»لانها (العدالة) سوف تعطينا الطمأنينة وبها نجد مصير اولادنا». واضاف ودموعه تسيل من عينيه أنه يتمنى رؤية ابنه حرا طليقا بعيدا عن قيود السجون، وان يراه عائدا لعائلته من جديد، داعيا المسؤولين إلى مساعدته في اسدال الستار على فترة صعبة تمر بها عائلته، وهي تنشد أمل الافراج عن ولدها. من جهته قال المسؤول الاعلامي في شرطة محافظة ديالى الرائد غالب الكرخي: إن الاستقرار الامني ساهم بشكل كبير في كشف الكثير من الجرائم التي ارتكبت، فضلا عن التعرف على مصير بعض ابناء العوائل المفقودين. واضاف «ان الاجهزة الامنية تسعى من خلال تكثيف اجراءات التحقيق مع المعتقلين للوصول إلى الحقيقة والعدالة التي ينشدها الجميع». وتابع أن قرابة 800 معتقل جرى اطلاق سراحهم العام الجاري، مبينا أن 30 في المائة منهم كانوا في معتقلات تابعة للقوات الامريكية، كما أن الاجهزة الامنية ساهمت في حل الكثير من القضايا واثبتت براءة بعض المتهمين، واطلق سراحهم فيما بعد. وشدد الكرخي على أن كل مواطن له الحق في المطالبة بالتعرف على مصير ابنه أو قاتله، وفق ما يقتضيه القانون، معربا عن تضامنه مع معاناة العوائل التي تسعى للتعرف على مصير ابنائها أو تلك التي تلاحق المجرمين للقصاص منهم.
حكم القضاء .. أمل ينتظره مواطنو ديالى للتعرف على مصير أبنائهم
نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 06:34 م