TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: (جحا أولى بلحم ثوره)

هواء في شبك: (جحا أولى بلحم ثوره)

نشر في: 6 ديسمبر, 2009: 07:13 م

عبدالله السكوتي يحكى أن جحا – الشخصية الأسطورية – كان له ثور ، وكان له كذلك جار يقترض منه باستمرار مستغلاً حياءه ، وصادف ذات يوم ان جاءه هذا الجار واقنع جحا ببيع ثوره العزيز حتى يقرضه ما هو في حاجة اليه من المال ،
 رفض جحا في البداية لكن الجار اقنعه خصوصاً بعد ان اشار عليه ان يبيعه لحماً بعد ان يذبحه ، ثقل عليه الامر لكن الجار الطماع اقبل حاملاً مديته ومستغلاً حياء جحا ، فقام بذبح الثور وبدأ بعرضه للبيع فقالت الناس: ان الثور مريض وذبحه جحا لأنهم لا يصدقون ان ثور جحا العزيز يباع اجزاءً من اللحم مجزأة، بقي اللحم فعرض جاره على الناس ان يأخذوا اللحم بلا ثمن اجتهادا من عنده ، امتنعوا خوفا من ان يصابوا من جراء أكله ، خشي جحا ان يتعفن اللحم في بيته فقام واحضر قدراً كبيراً ووضع اللحم فيه بعد ان منع جاره الطماع من اخذ قطعة لحم واحدة قائلاً والحزن يعتصره: اذهب (جحا أولى بلحم ثوره). وجحا اولى بلحم ثوره ، فاتركوا له مايمتلكه، لقد ذبح الثور العزيز فدعوه يتمتع بلحمه ، ولا تأخذوا منه شيئاً ، اما ما نراه فقد حاول الكثيرون ان يستأثروا بلحم الثور ويتركوا صاحبنا خالي الوفاض ، ومع ان الذي حدث عندنا ليس ثورة وانما تغيير جزئي.. يقولون ان اميركا صنعته بمفردها ، والقسم الآخر يقول ان دماء الشهداء من جميع انتماءات الشعب هي التي اتت بالتغيير ولا احسبه سعادة وانما تحوّل الى نقمة بعد ان سلك من تسلم مقاليد الأمور سلوكاً لا كما سلك الثوريون، مع العلم اننا نمتلك ارثاً ثوريا كبيرا لكن الظاهر ان الدعة والراحة انست البعض نضالهم القديم حتى كانوا يقتسمون الرغيف بعد ان يجعلوه أجزاء عديدة ، لكن مع هذا فالتغيير ما يصنعه الثوار الفقراء ولكن للأسف يسرقه الأفاكون. ماوتسي تونغ عندما اجهضت ثورته الأولى لجأ الى الغابات مصرحاً (أريد ان اصنع الثورة برجال يأكلون لحاء الأشجار). من المستحيل ان يتنازل الانسان عن متعه ومميزاته وحياته الرخية الناعمة ، لكن الفقير الذي لا يملك من حطام الدنيا شيئاً يحاول ان يجد طريق الثورة ليدخل في صفوفها وعندما تنتصر هذه الثورة فهو أولى بلحم ثوره من غيره من المتبطرين ، لكننا رأينا العكس من اعطى الشهداء ومن دخل الأمن القديمة زبوناً دائما بتهم شتى ومن تعذب وفقد الكثير هو الآن مستبعدٌ عن حقه وليست لديه غنائم ، المهم ان يأخذ هذا المجهد حقه والا لماذا صار التغيير كي يسرق فلان وفلان أموال العراق الهائلة ويترفه بصيغ شتى عن طريق التزلف واخرى عن طريق الادعاء في حين ان نظيفي الايدي بعيدون يعانون شظف العيش وقسوته ، ما هذه المعادلة غير المنطقية وما هذه الوقاحة التي تتيح للبعض ان يسرق اموال الشعب ويجاهر بأنه يمتلك كذا وكذا؟! ما نريد قوله: اننا ذبحنا الثور ولكن لم نحتفظ باللحم كما فعل جحا ذبحنا عزيزا واتفقنا مع الجوع ان يكون صديقاً عزيزا لا يفارقنا والخشية في الامر اننا نتهم في بعض الاحيان باننا ممكن ان نوالي عدو الشعب وقاتله حين نقول الحقيقة ، ونطالب بحق مهتضم اصبح في كروش امتلأت من قبل والآن تقف مدعية اتريد ان تاكل بهذه اليد واليد الاخرى في حين انها كانت سيفا للظلم والباطل والطغيان ، لكن بعض مناضلينا القدامى والذين اتخذنا منهم قدوة صدقوا هؤلاء وقالوا عفا الله عما سلف ، فصار الأمر مزقا ، كل واحد يأخذ حصته ولم يحافظ العراقي على لحم ثوره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram