TOP

جريدة المدى > مواقف > عندما استيقظ الناس ولم يجدوا الأميركان

عندما استيقظ الناس ولم يجدوا الأميركان

نشر في: 8 ديسمبر, 2009: 03:51 م

ترجمة/ إسلام عامر لم يترك الأميركان عند رحيلهم الذي ساده الهدوء الا الحطام الذي تخلف عن الاحتلال وذلك في احدى قواعد الجيش الأميركي السابقة. يقول الجيش الأميركي عن الحرب انها قد بدأت بالرعب والصدمة في الحادي والعشرين من آذار/مارس من سنة 2003 وفي الساعة الثامنة والعشر دقائق مساء على وجه الدقة و انتهت هذه الحرب بتنهيدة،
 لا احد يتذكر تماما متى انسحب الجيش الأميركي من قاعدة العمليات المتقدمة الأميركية سامارز Forward Operating Base Summers. «لقد غادروا في صباح احد الأيام ولم يرجعوا أبداً فعندما استيقظ الناس لم يجدوهم»هذا ما قاله أسامة ماجد وهو بائع على الطريق المؤدي الى القاعدة بينما كان يحوم حول علب الحلوى الإيرانية و التركية الصنع خاصته. فعلى الأرجح لم ينته الاحتلال واقعيا فحتى عند رحيل آخر 115.000جندي أمريكي سيبقى هذا الاحتلال في روح الوطن وسيبقى في سلوك الجيش العراقي وسيترك بصمته في كل شيء حتى اللغة التي يتكلمها الناس. وتم طلب حراس عراقيين للوقوف على بوابة معسكر سامارز وانتظار اخذ هويات الزوار، ففي بعض الأحيان يترك الاحتلال من بعده أموراً تافهة. معسكر سامارز أشبه ما يكون بمكان آثاري يقع المعسكر الأميركي السابق 30 ميلا جنوب شرقي بغداد حيث يعرف هذا المعسكر الأميركي السابق قبل وصول الأميركان وبعد رحيلهم على انه مطار الصويرة وهو مكان مروع وهذا هو حال البلاد ككل، اما الأراضي التي حوله فهي عارية عن كل زينة وقاسية ولا تمتلك أي جمال الا في وقت الغسق الذي فيه ستشعر بالوحدة الهادئة في ضواحي هذا المكان المسلوبة من كل شيء ومنذ سنين مضت، الى ان تصل الى طابوق القرميد الأحمر الذي كان يوما ما يصطف في جدران مباني هذا المعسكر سابقا حيث ان المجمع نفسه يتسم بكونه مكاناً مهجوراً وتعمه الوحدة. وتم إغلاق أبواب مباني المكان بالخشب الرقائقي اما نوافذها فانها مغلقة بكتل من نفايات المعادن، وبداخل المباني ستجد هنالك نفايا مما تركته ثقافة التجارة الأميركية وستشعر بشعور ليس بجميل عندما تتساقط أمطار الشتاء على هذا المكان المهجور في هذه الأيام. ستجد بداخل المباني وأرضياتها حيثما كان الأميركان يعيشون يوما ما علب المشروبات وعلب رقائق الذرة الفارغة وأغلفة الحلوى أيضاً وفي غرفة أخرى سترى هنالك علب القشطة الحامضة والبصل إضافة الى وجود علب بلاستيكية للوجبات السريعة هذا الى جانب علب الطعام المنتشرة والمبعثرة و التي يوجد بقربها قناني مشروبات الطاقة منها (جان مونستر)، بينما تنسل حمامة الى داخل المكان وتكسر الهدوء بحفيفها وتمر عبر باب لا يزال عليه كلام يقول:»ساعات الهدوء 1100-2200من دون استثناء». «عندما يغادر الناس المكان، أي مكان فأنهم سيخلفون الفوضى وراءهم» هذا ما قاله العريف حازم و هو في الشركة العراقية الصغيرة الثانية التي ورثت تلك القاعدة. وفي بعض الأحيان يبدو الانسحاب الأميركي من العراق محققا على ارض الواقع بنفس قدر الذروة التي بلغها.فعند ذروة تجمع القوات الأميركية في العراق عام 2007 كان هنالك اكثر من 160,000 قوة. اما اليوم فهنالك 115,000 والعديد من لؤلئك الجنود الذين غادروا قد غادروا خلسة ويفترض أن يكون عدد القوات بحلول شهر آب/أغسطس 50,000، يغادر الأميركان من مدينة بغداد الفخورة بمنظر يحملون فيه ندب المعارك التي قاتلوا فيها وشهدوها حيثما لم تزل أصداء الاحتلال تترد في الطريق الذي تمشي فيه همهمات فوضوية وهمسات التخلي. فكل شيء يبدو منحنياً ومنكسراً ومتمزقاً ومتشابكاً من السور الذي على الطريق السريع والى اللافتات التي تحمل أسماء الوجهات البعيدة. اما السلك الشائك الملفوف فانه لم يفقد لمعانه الا انه فقد الغرض الذي وجد لأجله، ولم يتبق الا جذوع النخيل التي قُصً سعفها لكي لا توفر غطاء للمتمردين.كل شيء حولك ذو لون خاكي يشبه لون الحرب. وفي نهاية طريق بغداد وفي أقصى الجنوب في أم قصر بمينائها الذي يواجه الخليج العربي يمشي الجيش في مواكبٍ على طريق ٍ ذاب أسفلته من أشعة الشمس هذا الإسفلت يحمل أخاديد عميقة تخلفت من سير المركبات عليه ولسنين طويلة إضافة الى المركبات التي تحمل المولدات والوقود والرافعات. وبقيت العربات على مسافة دقيقة من مجموعات من الجيش العراقي الذي يرتدي أفراده أزياء غير متناسقة للتمويه في نقاط التفتيش. لا يذهب كل شيء معهم لا تزال الأكياس الرملية موجودة في قاعدة سامارز للعمليات العسكرية المتقدمة وحتى مولد الكهرباء فهو موجود بالرغم من توقفه عن العمل لأسبوع وذلك لنقص في الوقود، ولا تزال هناك إشارات توقف حمر مكتوبة باللغة الانكليزية على البوابة إضافة الى وجود الرسومات والكتابات على الجدران: «القوات الأميركية موت تحت الطلب» ولا تزال أطواق كرة السلة قائمة من دون وجود الشبكات فيها و مكتوب على اللوح المعلقة فيه إشارات تحذيرية تقول»ممنوع التعلق بطوق كرة السلة» ونجد أسفل هذه الأطواق كتابة تقول «دليل البداية السريعة» وذلك لسيارة مدرعة تعرف على انها (ام آر اي بي) «للاستخدام الرسمي» وبالقرب منها رسائل من الوطن مرمية وعليها غبار متراكم، حيث تق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram