اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ‏ماركس وأنجلس: صداقة في نور الفكر والحياة (2 ـ 2)

‏ماركس وأنجلس: صداقة في نور الفكر والحياة (2 ـ 2)

نشر في: 8 ديسمبر, 2009: 04:45 م

سعد محمد رحيم ثم في عام 1872، وفي مقدمة لطبعة جديدة من البيان ( الشيوعي ) سيعترف الكاتبان بأن أجزاءً منه قد عفا عليها الزمن. غير أن المبادئ التي تضمنها أثبتت صحتها بشكل عام. وكما يحددان "فالقسم الأول من البيان يرسم المبادئ الأساسية للصراع ( بين البروليتاريا والبرجوازية ) بوضوح لا مثيل له.
بينما يعالج القسم الثاني الأفكار الأساسية للشيوعية العلمية الحديثة". فيما ينتقد القسم الثالث الأدب الاشتراكي والشيوعي في حينه. وأخيراً تضمن القسم الرابع نبوءة تتعلق بتطور ألمانيا. وفي الذكرى التسعين لصدور البيان يصفه ليون تروتسكي بأنه "أكثر بيانات الأدب العالمي عبقرية، بطراوته لحد الآن.. تبدو أقسامه الرئيسة وكأنها كُتبت أمس.. حقاً أحسن الكاتبان الشابان ( كان عمر ماركس 29 سنة وعمر أنجلس 27 سنة ) النظر إلى المستقبل على نحو لم ينظر به أحد قبلهما، وربما حتى بعدهما". في حمّى ثورات 1848 الأوروبية حاول أنجلس الحصول على مبلغ من والده لإصدار صحيفة. وفي لحظة يأس كتب لماركس: "لن نستطيع الحصول على شيء من والدي الشيخ... ولعله سيرسل لنا ألف طلقة لينهينا بدلاً من أن يرسل لنا ألف تالر ليساعدنا". غير أنه نجح في كسب ما يكفي نسبياً من خلال تعويم أربعة عشر سهماً من أسهمه فصدر في الأول من حزيران 1848 العدد الأول من ( نيو راينيخه تزايتونغ ) بإعلان أن ماركس هو رئيس التحرير فيما أنجلس وويرث والأخوان وولف أعضاء في هيئة التحرير. وبعد فشل الانتفاضات العمالية الأوروبية التي كان لهما دور كبير فيها وجدا نفسيهما منفيين في لندن، وأصدرا هناك أول عدد من الصحيفة عينها في الأول من كانون الثاني 1850، إلاّ أن المشروع برمته كان معرّضاً للدمار لأسباب مالية. وعملا على إعادة تأسيس العصبة الشيوعية، وتأسيس جمعية لمساعدة اللاجئين الألمان. وكانا يتوقعان في هذه المرحلة حرباً عالمية قريبة وثورات بروليتارية لا تبقي ولا تذر. ولم يقع أي من هذين الحدثين المحتملين كما كانا يأملان. وتعرضت العصبة الشيوعية إلى انشقاق خطير. وراح الصديقان يشعران بخيبة أمل. وقد كتب أنجلس لماركس في شباط 1851 رسالة غاضبة: "يستطيع المرء أن يعي أكثر فأكثر أن المنفى مؤسسة لابد من أن يصبح المرء فيها أحمق وحماراً ووغداً حقيراً إلاّ إذا أنسحب منها كلية وقنع بأن يكون مستقلاً لا يتعب رأسه حتى بما يُدعى الحزب الثوري". وهنا، مع احتدام صراعاته مع خصومه، بدأت مصاعب ماركس المالية.. كتب لانجلس في 8 أيلول 1852: "زوجتي مريضة... وييني الصغيرة مريضة أيضاً... لقد عشنا ثمانية أو عشرة أيام على الخبز والبطاطا وحدهما. أما الآن فقد لا نستطيع أن نحصل حتى على ذلك... إننا مدينون للخباز ولبائع الحليب وللبقال ولبائع الخضار واللحام. فكيف بحق الأرض أستطيع أن أسوي هذا المأزق الشيطاني؟". وحينما أنهى ماركس كتابه ( نقد الاقتصاد السياسي ) لم يكن يملك نقوداً كافية لإرسال المخطوطة إلى الناشر فكتب إلى أنجلس: "لا أعتقد أن أحداً سبق أن كتب عن النقود وعانى إلى هذا الحد من الافتقار إليها. فمعظم من كتبوا في الموضوع كانوا يحتفظون معه بأطيب العلاقات". كان الفقر وسوء الحظ وتعاسات المنفى عوامل إعاقة لمشروع ماركس الفكري. وقد واجه ذلك بصلابة شخصية، وبقدرته على الصبر، وتحمل الشدائد، وتجنب الوقوع في وهدة اليأس. بيد أن هناك حقيقة مضافة.. يقول فرانز مهرنغ: "لا يعود انتصار حياة ماركس إلى قدراته البالغة فقط. فقد كان لابد من أن ينهار في نضاله بشكل أو آخر، لولا الصديق الذي وجده في أنجلس. ذلك الصديق الذي بدأنا نفهم إخلاصه وتضحيته بعد أن نُشرت مراسلات الصديقين... لم يكن لصداقتهما مثيل في التاريخ". لم يكونا متماثلين تماماً، ولاسيما في طبيعة سلوكهما. كان لأنجلس أهواؤه البرجوازية، وبقي أعزب يعيش مع فتاة أيرلندية، أحبها، تُدعى ماري بيريز. وكان يبحث عن المسرات، يختلط مع الطبقة العليا للمجتمع الفكتوري، يشارك في النوادي وإقامة الحفلات والولائم، ويشترك في نزهات صيد الثعالب، وله مكانة محترمة في بورصة مانشستر، وحاذق في أعمال التجارة والإدارة. وظل يعمل تسعة عشر عاماً في وظائف يكرهها لا لشيء إلاّ للحصول على أموال إضافية يستطيع بها مساعدة ماركس وعائلته.. لقد نذر أنجلس نفسه لدعم صديق عمره إيماناً منه بعبقرية ذلك الصديق. وقد ضحّى بأوقات وفيرة، وفرص لا تُحصى كان يمكن إذا ما استثمرها بشكل آخر أن يبدع أعمالاً فكرية لم يتيسر له إتمامها بسبب روح الإيثار التي يتحلى بها، لا غير. "لم يكدح أنجلس من أجل صديقه في المكتب والبورصة خلال النهار فحسب. بل كان كذلك يضحي بالجزء الأكبر من وقت فراغه، إذ يعمل في المساء، وفي أحيان كثيرة حتى وقت متأخر من الليل. فكان في البدء يفعل ذلك كي يترجم رسائل ماركس إلى ( نيويورك تربيون ) لأن ماركس لم يكن حينذاك متمكناً من اللغة الإنكليزية كفاية، ولمّا بطل هذا السبب استمر أنجلس مع ذلك في تعاونه الصامت". والصكوك التي استمر يبعثها لماركس أنقذت الأخير من الضياع. وكانت زيارات أنجلس لبيت ماركس مصدر فرح لبناته الثلاث وقد أحببن أسلوب صديق العائلة، ذاك، في معاملته إياهن. وفي الأحوا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram