اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > عاش نبيلاً .. ومات فقيراً إلا من المسرح

عاش نبيلاً .. ومات فقيراً إلا من المسرح

نشر في: 9 ديسمبر, 2009: 04:06 م

المحرر لن ابدأ من الماضي البعيد بالتجوال في حياة واحد من الفنانين الذين تبنوا فكرة زرع شجرة المسرح في ارض جرداء وظل يسقيها حتى توهجت واورقت وانبتت من ظلالها حكايات تكوين طبقات الصراع الدرامي شكلا ومضمونا ، انه الراحل الكبير حقي الشبلي ( 1913 – 1985 ) ،
الذي قررت وانا اقدم هذا الملحق عن منجزه في تأسيس نهضة المسرح العراقي ان اقف عند السنوات الاخيرة التي عرفت بها استاذي واستاذ كل من امتهن المسرح ممثلا او مخرجا او مؤلفا في العراق ، على الرغم من انني لم اكن تلميذا مباشرا لدي الراحل حقي الشبلي بقدر ما تواترت السنين واصبحنا بحكم التبعية الثقافية والمهنية المسرحية جزءا من مخاض التجربة التي سعى اليها الشبلي بكل جوارحه. تعرفت على الاستاذ حقي الشبلي اولا بعد الشغف الذي كان يدفعنا نحوه ليس لكونه علامة مشرقة في الحياة المسرحية بل لكونه الشخصية الاكثر تاثيرا في جيل تدرب في المسرح المدرسي الذي كان الشبلي يعده الخزين الدائم لتجديد روح المسرح من خلال المواهب المكتنزة لخصوصيات مسرح جاد واعمال مهمة كانت تمثل صراعا مستديما بين الاجيال ، لاسيما ان الشبلي كان قد عمل لسنوات طويلة مشرفا على هذا القطاع . اما اللقاء المباشر معه فقد كان من خلال الفنان سامي عبد الحميد الذي عرفني اليه حين كان نائبا لنقيب الفنانين وكان الشبلي على رأس النقابة حينها طلبت ان اجري حوارا معه ومنذ تلك اللحظه تطورت علاقتي بالراحل واصبحت بمثابة احد دراويشه ربما لاني كنت اقدر كل مجهوداته الخلاقة في تأسيس وتحديث المسرح بالرغم من جفاء تلاميذه الاوائل والخروج من مظلته التي كانوا جميعا يتفيؤن بها ، وهذا الانشطار كان الشبلي ينظر اليه من زوايا مختلفة غير مكترث بما يجري امامه من تهويل وتصدير الافكارلانه بالذات يرى ان زرعه قد اثمر وان تفتت الفنانين الى اهواء ومذاهب فنية مختلفة نتيجة حتمية لتطور الزمن وهذا بدوره سيحمل المسرح الى افكار وبنى حديثة لاتغرب الواقع بل تستمد منه الفعل المنظور في الحياة الاجتماعية. حدث غير عادي في بغداد ، جورج ابيض وفرقته المسرحية ،كان ذلك في صباحات احد ايام سنة 1926 ، كانت صالة سينما الوطني قد ضجت بالحضور ، مئات من المشاهدين البغداديين غصت بهم القاعة فيما ينتظر المئات فرصة دورهم لمشاهدة مسرحية ( الملك اوديب ) ، كان هناك بين الممثلين صبي لا يتجاوز عمره عن ( 13 ) عاما الوحيد بينهم لهجته بغدادية ، ضعيف البنية ، سريع الحركة ، طافح بالامل والاشراق ، اسمه حقي الشبلي وقد اختاره ابيض ضمن اسرة المسرحية بعد ان اعجب بحماسته وقدرته على التمثيل ، فصحبه معه في جولته الى البصرة حيث عرفه الناس ، واصبح من ذلك الوقت رمزا لفن التمثيل في العراق . هذا التعلق دفع باساتذته بمدرسة ثانوية التفيض ببغداد بتحسين نطقه وتعليمه اصول التمثيل من خلال العروض المسرحية التي كانت تقدمها الثانوية للطلاب وعوائلهم ، كان الصبي حقي يتقدم الجميع فشارك بمسرحيات ، صلاح الدين الايوبي ، فتح الاندلس ، في سبيل التاج ، هارون الرشيد ، باشراف الاساتذة حسين الصافي ، رؤوف الكرخي ، فائق شاكر ، عبد الوهاب العاني ، والمقرئ محمود عبد الوهاب . اندفع الطالب حقي الشبلي بعد ذلك وبتشجيع عدد من زملائه بالدعوة الى تشكيل فرقة مسرحية عراقية تحت اسم ( الفرقة التمثيلية الوطنية ) وقدموا طلبا الى وزارة الداخلية لاجازاتها عام ( 1927 ) ،وبذلك يكون الشبلي مؤسسا لاول فرقة مسرحية عراقية خالصة تبنت في اعمالها الدعوة الى تحقيق طموحات مسرح عراقي مستقل من تاثيرات بعض التيارات التي سادت في التجارب الصغيرة التي سبقت هذه الفرقة ، فقدمت مسرحيات مختلفة منها ، جزاء الشهامة ، في سبيل التاج ، يوليوس قيصر ، دموع بائسة ، وحيدة ، فقام بجولة واسعة شملت ألمدن الجنوبية وبعضا من مدن وسط العراق حيث يقدر عدد المسرحيات التي قدمت من الفترة ( 1927_ 1934 ) اكثر من ( 120 ) مسرحية اجتماعية ووطنية وشعرية وشعبية واخرى مترجمة من الادب العالمي. في مطلع عام 1934 كان العراق يضع في اولوياته ارسال البعثات الدراسية العلمية لمختلف انواع العلوم الانسانية متجاهلا دراسة فن المسرح اكاديميا ، في حين كان الشبلي يتحين الفرص لكي يحصل على زمالة دراسية في الخارج ، وفي احد العروض المسرحية التي كان يقدمها للجمهور في قاعة الثانوية المركزية ببغداد مسرحية باسم ( الحاكم بامر الله ) وكان من مشاهدي العرض رئيس الوزراء ياسين الهاشمي الذي اعجب بالمسرحية واشاد بموهبة الشبلي في تجسيد الدور ، فاستغل الشبلي المناسبة وطلب من الهاشمي مساعدته للحصول على بعثة دراسية ، فوعده خيرا ، وبالفعل طلب الهاشمي من وزير المعارف تخصيص زمالة للشبلي بمنحة ملكية لدراسة فن المسرح في باريس لمدة اربع سنوات . غادر بعدها بغداد سنة ( 1935 ) في اول بعثة تتخذ من المسرح منهجا علميا بشخصية حقي ألشبلي . التحق الشبلي بدراسته بباريس وتتلمذ باشراف اساتذة متخصصين ، وانفتحت امامه سبل المعرفة والتدريب حتى حصل على الشهادة العليا في تخصص الاخراج والتمثيل ، وكان عليه ان يكون تلميذا نجيبا معطاء ، وهكذا نال الشبلي جائزته واصبح اول عراقي يدرس المسرح علميا عاد الشبلي الى بغداد عام 1939 من ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

"مشروع 2025".. طموح ترامب يتحول لسلاح بيد بايدن

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram