TOP

جريدة المدى > غير مصنف > قصة اعدام كتاب .. الاضداد يتفقون على قمع الزنوج

قصة اعدام كتاب .. الاضداد يتفقون على قمع الزنوج

نشر في: 9 ديسمبر, 2009: 04:20 م

ثورة الزنوج هي ثورة العبيد الإفريقيين في البصرة وما حولها ضد أسيادهم سنة 255هـ (869م). وهذه الثورة حملت طابعاً اجتماعياً طبقياً، أي أنها ثورة طبقة العبيد وأنصاف العبيد ضد الملاكين من أصحاب الأراضي، ولاتختلف كثيرا عن ثورات الرقيق في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد. وهي على غرار ما تجده في التاريخ الحديث من حركات الطبقات المضطهدة ضد مضطهديها،
مثال ذلك الحركة التي تزعمها توسين لوفيرتور في هاتين سنة (1799-1801). هذا ويعتقد بعض الناس أن ثورة الزنج كانت حرباً بين الاجناس -بين السود والبيض- أما البعض الآخر فيقدم رأياً مخالفاً لهذا الرأي، ويقول أنها كانت حرباً بين طبقة العبيد وانصاف العبيد والفلاحين والأعراب الساخطين على النظام القائم من جهة وبين مالكي الأرض وأصحاب العبيد من الخلافة من جهة أخرى. ومؤلف هذا الكتاب واحد ممن قالوا بهذا الرأي ولتأكيد رأيه ولإجلاء ملامح هذا الحدث التاريخي قام بإعداد كتابه الذي بين أيدينا والذي يقدم فيه فكرة واضحة شاملة عن هذا الموضوع من جميع وجوهه، فتناول علاوة على وجه الحركة العسكرية طبيعتها وبرامجها وتنظيماتها الداخلية وعلاقتها بالحركات الأخرى، وهي نواح ٍغامضة لم يلق عليها بعد ضوء ساطع ينير مجاهلها. كما قدم نبذة مختصرة عرف من خلالها بصاحب الزنج علي بن محمد الذي ظهر في فرات البصرة وقاد الزنوج في ثورتهم الكبرى التي دامت نحواً من أربع عشرة سنة (255-270هـ= 869-883م). وفي مقدمة الكتاب يقول المؤلف الدكتور فيصل السامر: لعل الدافع الأول الذي دفعني الى اختيار هذا الموضوع، هو أن الحركات الاجتماعية في الاسلام لم تحظ بما حظيت به النواحي السياسية والحربية من الاهتمام من جانب القدماء والمحدثين على السواء، حتى اتهم الشرق الاسلامي بالعقم والجمود، فقيل أنه لم يشهد ما شهده الغرب المسيحي من القلق الاجتماعي والهزات الفكرية، وبعبارة أخرى أن التاريخ الاسلامي كان- في نظربعضهم -مجرد مجازر وحروب ومؤامرات واغتيالات تدبر بطريقة غامضة-غموض الشرق-في قصور الخلفاء والأمراء. ولايعزو السامر في ذلك الذنب الى التاريخ الاسلامي، بل يرى أنه: ذنب المؤرخين الشرقيين المحدثين، الذين مازال أكثرهم يحذو حذو الأسلاف في كتابة التاريخ فيهتمون بسير الخلفاء والأمراء والوزراء في حياتهم الخاصة بمعزل عن التيارات الاجتماعية والفكرية المعاصرة. و ثورة الزنج هي في الأصل الرسالة التي تقدم بها فيصل السامر الى جامعة القاهرة للحصول على شهادة الماجستير في التاريخ الإسلامي، يقول ا.د فيصل السامر في مقدمة الكتاب: إرتأيت أن احذف كثيرا من التفاصيل غير الجوهرية وان احور فيه قليلا فكان هذا البحث الذي نضعه بين يدي القارئ وهكذا رأى النور. ويعد ( ثورة الزنج) من أكثر مؤلفات الدكتور السامر أهمية وانتشارا حيث طبع أكثر من مرة أولها في بغداد عام (1954) ثم في بيروت عام (1971) واخرها في سوريا في عام (2000) حينها عرض في معرض الكتاب في الامارات العربية المتحدة وكانت كل طبعة تنفد فورا يقول ا. د السامر في مقدمة الطبعة الثانية : وقد شجعني على إعادة طبع الكتاب ذلك الالحاح النبيل والمتواصل في جانب المعنيين والقراءعلى حد سواء على ضرورة القيام بهذا العمل. أصبح كتاب ثورة الزنج مرجعا على الصعيدين العربي والعالمي كما استلهمت منه أعمال أدبية ومسرحية أعدها الكاتب الفلسطيني (معين بسيسو)عرضت على مسرح الفنون الجميلة في بغداد في الثمانينيات من القرن الماضي. يقول الأستاذ أحمد علبي في كتابه (ثورة الزنج وقائدها علي بن محمد) (بيروت 1961): كتاب الدكتور السامر، هو الدراسة الرصينة المسهبة التي تناولت ثورة الزنج، وهي الوحيدة حسبما نعلم. وتساءل الاستاذ فؤاد دوارة (مجلة الكاتب، العدد 17، اغسطس آب 1962، ص 181) : ولكن ماذنب القارئ الذي لم يطلع على كتاب الدكتور السامر، وليس لديه فرصة لذلك؟ ولم يقتصر تأثر هذا الكتاب على الكتاب العرب فقط بل تعداه الى مستشرقين وباحثين اجانب إعتمدوه مرجعا في بحوثهم ودراساتهم. ويقول المستشرق اليوغسلافي الكسندر بويوفتش في مقدمة إطروحته عن ثورة الزنج التي نال بها الدكتورة من جامعة السوربون في سنة 1965 : وتتجلى الدراسة المعمقة للموضوع في كتاب الدكتور فيصل السامر ثورة الزنج (بغداد 1954) .. إن كتاب السامر يشهد بمجهود قيم يسعى صاحبه من خلاله وللمرة الأولى، الى أن يرى ثورة الزنج من زاوية جديدة. ومما يؤسف له إن الكتاب لم ير النور طويلا في بلد السامر ، العراق، فقد وضعه النظام السابق في القائمة السوداء معتبرا إياه من الكتب المحرضة على الشعوبية. وتم سحب كل النسخ من الأسواق واختفى من المكتبات وحتى بيت الدكتور السامر لم يكن يحتوي على نسخة من هذا الكتاب. وحتى بعد إن ظهر الكتاب للوجود ثانية وأعيد طبعه في دمشق في عام 2000 وتم عرضه في الإمارات لم تبادر أية جهة عراقية لإحتضان الكتاب أو إعادة طبعه برغم إنه يعتبر مرجعا تاريخيا مهما يشكل فخرا في تارخ المكتبة العراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram