حازم مبيضينرغم تكرار الإعلان في كل العواصم العربية، عن الرغبة في التوصل إلى سلام مع الدولة العبرية، فان المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، يواصلون رفض اليد الممدودة إليهم، ويعملون على إفشال كل المبادرات السلمية، ليس بمجرد القول،
وإنما بالأفعال التي يدركون قدرتها على نسف فكرة السلام من أساسها. وفي هذا الإطار تتواصل الحفريات الواسعة في محيط المسجد الأقصى وقد فتحت عدة ورشات حفر في منطقة القصور الأموية ، وبما يشكل خطراً على بناء المسجد، وقد أدت حفريات مشابهة إلى تشققات وتصدعات في الجهة الجنوبية لجداره، وفي الوقت نفسه، يخصص مكتب نتانياهو اعتمادات إضافية بقيمة 28 مليون دولار لمستعمرات في الضفة الغربية، لا تقع ضمن الكتل الاستيطانية التي تطالب إسرائيل بضمها في إطار اتفاق سلام محتمل مع الفلسطينيين. ومن ناحية ثانية، وفي إطار سعيها لعرقلة كل الجهود الهادفة لبناء السلام، فان السلطات الإسرائيلية تسعى لتشريع قانون، بخصوص إجراء استفتاء بشأن الانسحاب من القدس الشرقية، وهضبة الجولان السورية، وهو ما يخالف القانون الدولي، ويعد انتهاكاً سافراً لاتفاقية جنيف الرابعة، لأنه سيجري حول أرض احتلتها إسرائيل بالقوة في حرب حزيران 1967، والواضح أن هذا الاستفتاء جزء من السياسة التوسعية الإسرائيلية ويتعلق بأرض تم ضمها بوسائل غير شرعية ولا قانونية، كما أنه واضح أن الدولة التي تطرح مشروعاً كهذا لا تريد السلام ، وتسعى لإشعال فتيل التوتر والعنف في المنطقة. إسرائيل التي تقول إنها راغبة بالعودة إلى مائدة التفاوض دون شروط، تضع في الوقت نفسه كل العقبات أمام المفاوضات، وعملياً تقوم بفرض واقع بالقوة، من شأنه أن يقطع الطريق على أي تسوية سلمية حقيقية في الشرق الأوسط، وهذا ما يفرض على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته، وإعلان موقف واضح وصريح من مشروع القانون الذي يمثل بلطجة وسرقة وتصرفاً لا يخدم أبداً أمن واستقرار المنطقة والعالم، مثلما يفرض على الدول العربية والإسلامية التحرك بجدية وفعالية لنصرة أولى القبلتين، وأهلها الصامدين في ظل حملة عنصرية استيطانية بشعة للمساس بالأقصى وتغيير معالم المدينة. نعرف أن الاستفتاء يأتي رداً على الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى دعم الحق الفلسطيني، والجهود الأوروبية الأخيرة الرامية للاعتراف بالقدس عاصمة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، والذي رأت فيه بعض القوى العربية – للأسف – نفاقاً لا يستحق التوقف عنده أو التعامل معه، وبما يؤكد أن حكومة نتنياهو لا تلقي بالاً للمجتمع الدولي، في حين تلجأ إليه حين يتعلق الأمر بمصالحها، والغريب أن ذلك المجتمع يقبل تصرفات إسرائيل هذه وكأنه منوم، أو كأنه غير معني بغير الكلام المعسول، وترك الفعل على قبحه وبشاعته لليمين الصهيوني، الذي لا يؤمن بغير ما يراه حقاً له بغض النظر عن الضرر الذي يمكن أن يلحق بالسلام العالمي. إسرائيل بكل تصرفاتها الحمق هذه، وتجاوزها لكل الخطوط الحمر، تدفع بالمنطقة إلى شفير هاوية سحيقة، سيكون شعبها أكبر المتضررين من الوقوع فيها، وهي في حال مواصلتها تحدي المشاعر الوطنية الفلسطينية، والقومية العربية، والدينية في العالم الإسلامي، تحشد جبهة من الأعداء، سيكون لانفجار غضبها دوي مهول، لن تتوقف شظاياه عند حدود المنطقة وإنما ستمتد لتشمل العالم بأسره.
خارج الحدود: التحدي الإسرائيلي الجديد
نشر في: 11 ديسمبر, 2009: 05:58 م