عدنان الامين ان امانة التاريخ تقتضي تحري الحقيقة ولقد وجدت نفسي الملم صفحات مطوية، لم يتطرق اليها المؤرخون عن الحركة الانقلابية التي قام بها الفريق بكر صدقي صباح يوم الخميس المصادف 29 تشرين الاول سنة 1936 بالتعاون سرا مع الملك غازي وحكمت سليمان وجماعة الاهالي (الحاج جعفر ابو التمن وكامل الجادرجي وغيرهما)
وكان المرحوم جوتاد حسين مرافق الملك غازي من تنظيم الضباط المؤازرين للانقلاب ومن الاقطاب المتحمسين لاهداف الانقلاب باعتباره من الاصدقاء المقربين للملك غازي ومن المتصلين صلة وثيقة بحكمة سليمان وكان لولب الحركة بين العسكريين والمدنيين حسبما يظهر من المذكرات التي كتبها بخط يديه اخوه المرحوم ناصر حسين التي قدمتها مخطوطة الى الامانة العامة للوثائق مع رسالة الملك غازي – الاصلية بخط يده والاخرى بخط يد المرحوم جعفر العسكري وزير الدفاع انذاك مع صور ووثائق اخرى لتكون مرجعا للمؤرخين والمؤلفين وفعلا اشير اليها في المؤلفات التي الفت مؤخرا حول شخصيات العهد الملكي والملك غازي. الانقلاب نام الناس مساء يوم 28 تشرين الاول/ 1936 بكل طمأنينة، واستيقظوا صباح يوم الخميس الموافق 29 تشرين الاول / 1936 مودعين قيض الصيف ومستقبلين اعتدال الخريف وفي حوالي الساعة الثامنة والنصف من صباح ذلك اليوم شاهد الناس ضابطين على دراجتين بخاريتين يوزعان المناشير على المارة في الشوارع، وعلى الاخص شارع المتنبي المؤدي الى الدوائر الحكومية، كان الضابطان هما الرئيس (علي غالب الحاج عريان) والرئيس (سعدي مصطفى) وعلى الاثر كانت الطائرات تنثر المنشورات في سماء العاصمة وقد اطلع الشعب على المنشور الاول وكان (نداء من الفريق بكر صدقي قائد القوة الوطنية الاصلاحية الى الشعب العراقي الكريم)، والمنشور الثاني الذي القي من الطائرات يوم الانقلاب هو كتاب موجه الى الملك غازي الاول من قبل الفريقين بكر صدقي وعبداللطيف نوري، وما ان حانت الساعة الحادية عشرة والنصف واذا بانفجار شديد هز مباني الحكومة في سراي بغداد، وامتلأت الغرف بدخان كثيف في بناية وزارة الداخلية حيث حجب الانظار عن الجالسين في مكاتبهم فلم يعد يرى احد الاخر وخرج الموظفون من دوائرهم وشاهدوا ابناء العب رافعين رؤوسهم الى السماء لينظروا الى طائرات الجيش العراقي وهي تحلق فوق دواوين الحكومة وترمي بقنابلها على بناية مجلس الوزراء فأصابت بناية وزارة الداخلية المجاورة لها بواحدة منها، كما اصابت احدى الشظايا ساق احد المارة وقد ضمد من قبل مدير الداخلية العام آنذاك السيد عبدالحميد رفعت بمنديله وارسل الى المستشفى، وظل الموظفون في حيرة من امرهم هل يتركون الدوائر ويخالفون رؤساهم ام يظلون قابعين في دوائرهم والشظايا تتطاير امامهم، وقد امر بعض رؤساء الدوائر الموظفين بترك الدوائر والسماح للموظفين بالذهاب الى منازلهم وفي عصبر ذلك اليوم احتل الجيش بغداد بقيادة الفريق بكر صدقي الذي توجه بصحبة مرافقه جواد حسين الى ديوان وزارة الداخلية لمواجهة السيد حكمة سليمان الذي كان موجودا فيها لغرض تأليف وزارة جديدة عصر ذلك اليوم. مقتل جعفر العسكري: كان حوالي ثلاثين ضابطا مجتمعين في مقر بكر صدقي في ضاحية من ضواحي بغداد واذا بجندي من المقربين له يهمس في اذنه فظهرت على وجهه علامات التأثر والانفعال الشديد ولم يتمالك شعوره وبين للحاضرين من الضباط ان جعفر قادم اليهم وسألهم عن من يتقدم لقتله فلم يجب احد ثم كرر القول فلم يجبه احدا ايضا وكان المرحوم الرئيس جواد حسين حسن واقفا بجانب المقدم جميل فتاح فهمس في اذنه الم يكن هناك اجراء غير القتل كالنفي؟ فرد عليه بكر صدقي غاضبا (وماذا نعمل به)؟ واومأ بكر صدقي الى كل من الملازم جمال جميل والرئيس لازار والمقدم جميل فتاح والرئيس جواد حسين وطلب منهم الذهاب فورا لقتل جعفر باشا العسكري وبناء على صدور هذا الامر العسكري من قائد الانقلاب ركب جواد حسين وجميل فتاح في سيارة متتبعين السيارة الاولى التي تنقل الملازم جمال جميل والرئيس لازار وبعد مسيرة رأوا عن كثب الملازم اسماعيل توحله متأبطا جعفر العسكري ويتمشيان فنزل الملازم جمال جميل وتبعه الرئيس لازار اما السيارة الثانية التي تنقل المقدم جميل فتاح والرئيس جواد حسين فقد وقفت واستدار حولها الرئيس جواد حسين لكي لايشاهد عملية الاغتيال واذا بجمال جميل قد صوب فوهة مسدسه نحو جعفر العسكري واطلق عيارا ناريا عليه التفت جعفلا حالا مرددا كلمة (لا) وهو يستغيث ثم خر صريعا مضرجا بدمائه، وقد خشي بقية الضباط من مخالفة اوامر قائد الانقلاب فاطلق كل ضابط من الحاضرين طلقة بجانب القتيل وبعد غروب الشمس وحلول الظلام دفنت الجثة بصورة سطحية ومستعجلة في بقعة ارض قريبة من نهر الوزيرة المندرس التي لاتبعد عن مخفر الشرطة في خان البير الا بمسافة قليلة، وكان السيد شاكر الوادي الذي اشترك في حركة الانقلاب قد اقترح حرق الجثة لاخفاء معالم القتيل. ان الحديث عن الانقلاب ومقتل جعفر العسكري ودونه بين المرحوم جواد حسين واخيه ناصر حسين ودونه الاخير في مذكراته الخطية التي سلمها لي في حياته بطبعها ونشرها بعد وفاته وخولني حق التصرف بها وعرضها بالاسلوب المناسب وقد قدم الرئيس جواد حسين الى اخيه بعد شرح الحوادث، رسالة الملك غازي ورس
فصل من مذكرات طيار الملك غازي
نشر في: 13 ديسمبر, 2009: 03:59 م