إعداد/ المدى الاقتصادي ليست صناعة الإعلانات من الفنون المستحدثة وإنما هي قديمة قدم التاريخ، فقد بدأ الإعلان على أشكال تطورت بمرور القرون حتى أصبح فن الإعلان كما نعرفه الآن، حيث يعتبر الإشهار نشاطا قديما قدم المجتمعات الإنسانية ، يمتد تاريخيا إلى بدايتها كأحد السبل التي لجأ إليها الإنسان البدائي (الأول) لتلبية احتياجاته المعيشية منذ العصور القديمة
والتعبير عن متطلباته للآخرين بهدف إقامة العلاقات التبادلية وتحقيق المصالح والمنفعة المشتركة بالشكل والأسلوب الذي يتلاءم مع طبيعة العصر، وكان من خلال الاعتماد على المنادي وهو الذي كان يوفده الحكام من ملوك وأمراء والذي كان يتجول في الأسواق يجمع الناس حوله بقرع الطبول ليبلغهم برسالته، ولجأ إلى هذا النشاط طبقة الحكام التي استعملت النداءات لتوصيل أوامرهم وقراراتهم إلى الجماهير وتحديد ما عليهم تجاه السلطات بما يحقق للحاكم مطالبه منهم ،وفي مصر القديمة قام التجار باستئجار مُنَادِين يجوبون الشوارع معلنين عن وصول سُفُنِهم وبضائعهم. وفي حدود القرن العاشر الميلادي أصبحت ظاهرة المنادين متفشية في كثير من المدن الأوروبية. وهؤلاء كان يستأجرهم التجار لإرشاد العملاء إلى متاجرهم وإعطائهم فكرة عن سلع وأسعار المتجر،وأيضا النشاط التجاري الاقتصادي حيث ظهر (الدلال) في الأسواق والذي كان يجتهد قدر استطاعته في جذب الناس لبضاعته ويخبرهم بمزاياها ويخفي عيوبها ويقوم بتجميلها قدر المستطاع حتى يزايد الناس عليها، أي أن الإشهار في البداية أخذ الشكل الشفهي المسموع. ويَرَى معظم المؤرخين أن اللافتات الخارجية على المتاجر هي أول أشكال الإعلان، فقد استخدم البابليون ـ الذين عاشوا فيما يُعرف الآن بالعراق ـ لافتات كهذه للدعاية لمتاجرهم وذلك منذ عام 3000 ق.م، كما وضع الإغريق القدامى والرومانيون لافتات إعلانية خارج متاجرهم. ولما كان عدد الناس الذين يعرفون القراءة قليلاً فقد استَعمَل التجار الرموز المنحوتة على الحجارة، أو الصلصال، أو الخشب عوضًا عن اللافتات المكتوبة. فعلى سبيل المثال، تَرمز حدوة الحصان إلى محل الحداد، والحذاء إلى محل صانع أحذية. اختراع الطباعة وظهور الصحافة: ولم يعرف الإشهار تطوراً واسعاً إلا بعد اختراع آلة الطباعة عام 1438 من طرف الألماني (غوتن بيرغ) حيث عرفت الوثائق انتشاراً واسعاً، وقد أدَّى اختراعه إلى ظهور أول أشكال للإعلان الموسَّع، كالملصقات المطبوعة والإعلانات الموزَّعة باليد. وفي عام 1472م أخرج وليم كاكستون ـ الذي أدخل الطباعة لأول مرة في إنكلتراـ أول إعلان دعائي في إنكلترا، وهو مُلْصَق تم تثبيته على أبواب الكنائس يعلن عن طرح كتاب في المكتبات، وأول ملحقة طبعت إثر انتشار المطابع كانت عام 1525 أين طبعت أول المنشورات لبيع الدواء، وبعدها وبالضبط صدر أول إشهار في جريدة THE CONTENTION OUR NEWS عام 1622، وهي أول صحيفة مطبوعة منتظمة في إنكلترا وكانت صحيفة أسبوعية، وفي السنوات التالية ومع بدء إصدار العديد من الصحف الإنكليزية، أصبح الإعلان هو السمة الرئيسة لجميع الصحف. وبفضل هذا الاختراع (الطباعة) وهذا المولود الإعلامي (الصحيفة) عرف الإشهار توسعا وتطورا كبيرين بالأخص في القرن 18 ولم يقتصر استعماله في مجال واحد، بل توسع وشمل نشاطات عدة، واستعمل كذلك من طرف الصحافة التي كان لها الدور الكبير في تطويره خاصة في أوروبا وأمريكا، وكان هذا لأجل تخفيض سعر الصحف لتصبح في متناول جميع الأفراد ووصلت استعمالاته حتى لأغراض سياسية. وبرغم كل هذا التطور الذي شهده الإشهار خلال تلك الفترة إلا أن مهنة الإشهار لم تكن موجودة بعد، حيث كان يقوم بهذه المهمة الصحافيون أنفسهم، وبالتالي لم تكن عملية تصميم الإشهار مدروسة جيدا بعكس الملحقات التي تطورت بشكل ملحوظ ، وهذا بفضل ظهور عدد من الاختصاصيين في هذا المجال وأشهرهم: (I. Toulouse - L. Coppiello - J. Chert..). ظهور وكالات الدعاية والإعلان: في بداية ظهورها كانت شركات الدعاية والإعلان تعمل شركات وسيطة، أي أنها كانت تشتري من الصحيفة مساحات بسعر مُخفّض ثم تعيد بيعها للجهات التي ترغب في الإعلان. وتُعِدّ الشركات المعلنة الإعلان بنفسها أو تستأجر مُصمِّمي إعلان للقيام بإعداده. وفي عام 1875م بدأت وكالة إن دبليو. أير وولده ـ وهي وكالة إعلان أمريكية مقرها في ولاية فيلادلفيا ـ في إبراز خدماتها الإعلانية للمعلِنين تدريجيًا. فقد وظفت الشركة محررين ورسامين، ونفذت حملات إعلانية متكاملة لعملائها، وهكذا أصبحت إن دبليو. أير وولده أول وكالة إعلان حديثة. ظهور وسائل الإعلام الجديدة السمعية والمرئية: ومع حلول القرن العشرين ظهرت وسائل نشر جديدة وهي السينما والراديو التلفزيون، وبهذه الوسائل الجديدة عرف الإشهار تطورا واسعا إذ تم إخراج أول شريط إشهاري سينمائي عام 1904م وذلك من طرف الإخوة لوميير Lumiere . أما عن استعماله في الإذاعة فقد بدأ لأول مرة عام 1922م انطلاقا من الو.م.أ ثم فرنسا حيث قام الناشر ألبن ميشال Albin Michel بإمضاء أول عقد إشهار راديوفوني مع محطة RADIOLA، وبعد السينما والراديو جاء دور التلفزيون ليستعمل لأول مرة في الو.م.أ، وكان ذلك عام 1947 من أجل ترويج المؤسسات لمنتجاتها وتسهيل عملية بيع السلع، أما في فرنسا فلم يكن الإشهار التلفزيوني مر
صناعة الإعلان وتطوره
نشر في: 14 ديسمبر, 2009: 02:57 م