الكتاب: الامبراطورة الأخيرة (مدام تشيانغ كاي – شيك ومولد الصين العصرية) تأليف: هانا باكولا ترجمة: عبدالخالق علي لم تكن سونك ماي لنك، الشهيرة في التاريخ بمدام تشيانك كاي شيك، تبالغ كثيرا. ولكونها صينية المولد واميركية التعليم والميول الثقافية، فقد كانت مزيجا جذابا من كلا المجتمعين. ولفترة من الزمن لم تكن في العالم امرأة اكثر منها قوة.
عاشت مدام تشيانك حياة طويلة ومعقدة للغاية، حياة جرى تفصيلها بالكامل في كتاب "الامبراطورة الاخيرة " وهو سيرة حياة جديدة، معقدة وطويلة للمؤلفة هانا باكولا. هذا الكتاب هو بحث تاريخي ليس فيه الكثير من المرونة والجهد الروائي، وان صفحاته البالغة (681) متعبة مثل مسيرة إجبارية عبر السهول المنغولية الجرداء.لكن مع ذلك، فأن قصة حياة مدام تشيانك لم تفقد جاذبيتها الغريبة الشهية. ولدت مدام تشانك في شنغهاي عام 1898. كان والدها – تشارلي سونك - فلاحا ذهب الى اميركا في سن الثانية عشرة وعمل على السفن وفي المطابع، وبالتالي تخرج من جامعة فاندربلت وعاد الى الصين في سن العشرين، حيث كان لديه ستة اطفال، ثم اصبح من الاغنياء من خلال كونه ناشرا للانجيل. قام الوالد بتربية سونك ماي لنك وشقيقاتها على إطراء كل ما يتعلق بالعالم الغربي كالشراشف الناعمة والطعام الأميركي والديانة البروتستانتية. كان السيد سونك – بعد ان انقطع عن المجتمع ذي العقيدة القبلية الراسخة - يتوقع الكثير من بناته وأبنائه. سافرت شقيقتا سونك ماي لنك الاكبر منها سنا الى الولايات المتحدة للدراسة في كلية ويسليان للبنات في ماكون. وصلت سونك ماي لنك الى اميركا في سن العاشرة ودرست في مدرسة داخلية في نيوجيرسي ثم في مدرسة عامة في جورجيا قبل ان تتخرج من كلية ويلسلي. كتبت الآنسة باكولا تقول بان سونك ماي لنك عندما وصلت الى ويلسلي عام 1913، كانت تعتمد على " لهجة سكارلت أوهارا " التي تعلمتها في جورجيا، وتقول ايضا بانها كانت " قصيرة، ممتلئة الجسم وذات وجه مستدير طفولي المظهر مع شعر قصير وانتفاخات فوق عينيها لم تكن تؤثر على نظرها ". تقول باكولا بأن سونك ماي لنك لم تتوفر لها ثقافة غربية لكي تقضي اوقات ما بعد الظهر على مائدة لعبة الدومينو الصينية. حظيت الاخوات سونك بزيجات محترمة، حيث تزوجت سونك كنك لنك من سون يات سين، وهو اول رئيس للصين بعد سقوط الامبراطور الاخير عام 1911. وفي مراسيم فخمة عام 1927، تزوجت سونك ماي لنك أحد المعاونين العسكريين السابقين لسون، وهو تشيانك كاي شيك، الذي سيصبح فيما بعد على رأس الحكومة الوطنية في الصين من 1928 وحتى 1949، ومن ثم زعيما لها خلال وجوده في المنفى في تايوان. تقول باكولا أنه كان جنديا صلبا " يرتدي ملابس بسيطة من الزي القطني الموحد مع نعلين من القش "، ولم يكن يدخن او يحتسي الخمر. كانت مدام تشيانك في ذلك الوقت نحيفة وفاتنة، ترتدي ما يليق بها من الملابس.و تذكر الآنسة باكولا بأن طولها كان يبلغ خمسة أقدام ولها تأثير ساحر على الرجال. وبما ان تشيانك كاي شيك لم يكن يتحدث الانكليزية، فقد صارت مدام تشيانك مترجمته والوجه الذي تنظر به الصين الى العالم الغربي. كتبت مدام تشيانك مقالات عن الصين لصالح مجلة نيويورك تايمز ومجلة الاطلسي الشهرية في بداية الأربعينيات من القرن الماضي، وظهرت على صفحة " وجها لوجه مع الصحافة " عام 1958. كانت من اقرب مستشاري تشيانك، وكانت على الدوام تقوم بتلطيف خشونة تشيانك وخشونة الصين بشكل عام. كان للاثنين معا تأثير تحديثي في الصين، حيث أطلقت عليهما مجلة التايم لقب رجل وامرأة العام في سنة 1938. وصلت مدام تشيانك الى قمة شهرتها عام 1943 عندما كانت تجول في اميركا دعما للقضية الوطنية الصينية ضد اليابان. خلال تلك الجولة كانت أول مواطن يخاطب مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وفي لوس انجلوس ألقت خطابا في تجمع في هوليود. (تقول الآنسة باكولا بأن مدام تشيانك – خلال تواجدها في اميركا – استأنفت علاقة رومانسية كانت قد بدأتها بوقت مبكر مع وندل ويلكي – الجمهوري الذي خسر انتخابات 194. أمام فرانكلين د. روزفلت). كانت حكومة تشيانك كاي شيك، المحاصرة في حينها من قبل الحزب الشيوعي الصيني في الأربعينيات، ينخر بها الفساد من الداخل. كان تشيانك رجلا لئيما عديم الرحمة وقائدا يبعث على الكآبة. وكما يذكر تيودور وايت وآنالي جاكوبي، فقد " كانت أساليب الكومنتانك – الحزب الوطني – جيدة في العلن، وان اخطاءه الوحيدة هي ان قيادته كانت فاسدة وان جهاز الشرطة السرية كان بلا رحمة وان وعوده كاذبة، وكانت وجبته اليومية هي دماء ودموع الشعب الصيني".
آخر إمبراطورة في الصين
نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 04:46 م