TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > حماس بين السلطة والمقاومة

حماس بين السلطة والمقاومة

نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 05:34 م

حازم مبيضينإثنان وعشرون عاماً مرت على ولادة حركة حماس، التي انتقلت تجربتها مؤخراً من سبب انطلاقتها، وهو المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي، إلى تجربة ممارسة السلطة على الفلسطينيين بالانتخابات أولاً، وبالانقلاب في مرحلة ثانية، وبما يعني حكماً أنها تخلت فعلياً عن خيارها الأول، الذي تواصل الإعلان اللفظي عنه،
وهو اعتماد الكفاح المسلح خياراً إستراتيجياً لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وإقامة الحكم الإسلامي فيها، ويبدو شديد الوضوح أن الجمع بين الحكم والمقاومة غير ممكن تحت الاحتلال، وليس صحيحاً أن سياسات حماس أفضت أو يمكن أن تفضي إلى إيجاد مرتكز نضالي للفلسطينيين في غزة. يدرك قادة الحركة ضعف قدرتهم على التعاون مع الآخر، والتجربة ماثلة للعيان، فهم حتى الآن لا يستوعبون الضرورة الوطنية للتعاون مع فتح، ويصرون على إدارة إمارة غزة بمفردهم، ويسعون كلما كانت الفرصة سانحة للنيل منها، متناسين أن إضعافها لا يعود بالخير على القضية الوطنية، ويعتمدون في ذلك كله على قوتهم التنظيمية المسلحة التي تحتل شوارع القطاع، ولا تقوم بأي عمل نضالي حقيقي ضد الاحتلال، وكأنهم يكتفون بحكم الفلسطينيين كبديل عن الكفاح المسلح، وهم بذلك يؤكدون عدم إمكانية الجمع بين السلطة والمقاومة، لأن التناقض بينهما واضح وبين، فالسلطة تعمل في العلن، وتقيم علاقاتها مع الدول ضمن منظومة من المعايير المعروفة، لكن المقاومة كما هو مفترض سرية، وهنا يكمن التناقض القاتل في تصرفات وسياسات هذه الحركة. العلنية وفرت لأجهزة الأمن الإسرائيلية الكثير من المعلومات التي كان يجب ان تظل سرية، والمدهش أن حماس تتعامل مع وضعها باعتبارها قائداً للإسلاميين وليس للشعب الفلسطيني، وفي هذا الإطار فأن مؤيديها هم من التيار الالسلامي فقط، أما الوطنيون فانهم ظلوا بعيدين عنها فعلياً، وإن كانت نشأت تحالفات مصلحية في أوقات قليلة مع بعض قوى اليسار، بهدف مناوءة فتح ليس أكثر، صحيح أن العامل الإيماني ساعدها على البقاء في الحكم فترة طويلة رغم وقوف العالم ضدها، وهي تعتبر ذلك إنجازاً، وصحيح أنها تحولت إلى قوة منافسة لفتح أولاً، ولمنظمة التحرير بشكل فعلي، لكن ذلك كان على حساب صدقيتها ومبادئها. دخلت حماس الانتخابات التشريعية وفازت، وتولى الشيخ إسماعيل هنية رئاسة الوزراء، وكان قادتها يدركون أن السلطة الفلسطينية قائمة على أساس ترتيبات دولية، وبموافقة اسرائيل ورضاها، ووقعت في الخطأ وهي تتخيل إمكانية الحكم بموجب اتفاق اوسلو، ومعارضة ذلك الاتفاق بشكل مبدئي والسعي لإسقاطه، في محاولة للتوفيق بين الحياة السياسية العلنية والمقاومة، وبين ممارسة السلطة والتعلق بالمبادئ، وعملياً لم يكن ذلك ممكناً في ظل انشغالها بالسلطة ومتفرعاتها، وإدارة صراعها المرير مع فتح، وكأنها لم تكن تدرك أن كل هذا يتطابق مع الخطط الإسرائيلية لعزل قطاع غزة نهائياً، ويندرج في خانة الوقوف ضد المشروع الوطني الذي تتبناه فتح والقائم على تنويع اشكال المقاومة لاسترداد الحقوق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram