لندن/ وكالاتتستمر قضية التحقيق في ملف حرب العراق بالتفاعل على صفحات الصحف البريطانية وبخاصة بعد التصريحات التي ادلى بها رئيس الحكومة السابق توني بلير منذ ايام. وفي سياق متابعتها لهذا الموضوع، نشرت صحيفة الجارديان الثلاثاء مقالا لهانس بليكس،
المفتش الدولي السابق الذي تابع موضوع اسلحة الدمار الشامل في العراق. ويقول بليكس في مقاله: ان كلام بلير عن ان الهدف الاساسي لحرب عام 2003 كان تغيير النظام في العراق، لا يغير الانطباع الذي كان لدى العالم كله في ان الهدف هو نزع اسلحة الدمار الشامل التي كانت بحوزة نظام صدام. ويطرح بليكس المسألة على الشكل التالي اذ يقول: «الا يجب ان نستخلص بأن حجة اسلحة الدمار الشامل لم تكن الا الذريعة الانسب لتبرير الاجتياح»؟، ويتابع بليكس بالقول ان «بلير كان لديه يقين بانه كانت هناك اسلحة دمار شامل في العراق، ولكن عندما لم يعثر المحققون على هذه الاسلحة فهذا اليقين اضحى عبارة عن قصر نظر كونه غير مدعوم بادلة». ويقول بليكس في مقاله: ان الكثيرين كانوا يعتقدون ان الخطة الامريكية البريطانية كانت تسير في اتجاه وان كل ما كان يقوم به المفتشون لا اهمية له. كما يعتبر بليكس ان التزام بريطانيا مع واشنطن بالسير في مشروع الحرب كان بمثابة مقامرة ورهان فاشل وبخاصة ان العراق كان يتعاون مع المفتشين الدوليين، ولكن كان هناك قرار باطلاق عجلة الحرب من دون العودة الى الامم المتحدة. وفي هذا السياق يعتقد بليكس انه كان بامكان بريطانيا ان تجعل الامور تأخذ اتجاها مختلفا لو اشترطت عدم السير بمشروع الاجتياح خارج موافقة الامم المتحدة. ويختم بليكس مقاله بالقول: ان الولايات المتحدة وبريطانيا انتقلتا الى القول ان هناك سلسلة قرارات دولية سابقة تجيز الحرب، وجاء ذلك لشعورهما بأن ليس هناك اجماع بين اعضاء مجلس الامن الدولي على تغطية الحرب، وكانت النتيجة امتناع كل من فرنسا وروسيا والصين والمانيا عن تأييد العملية العسكرية.من جهتها ذكرت صحيفة التايمز البريطانية ان حجم الخداع والكذب الذي أحاط بقرار بريطانيا والولايات المتحدة لخوض الحرب ضد العراق بدأ يصبح اكثر وضوحا شيئا فشيئا وغدا من الصعب الان تفادي التوصل الى نتيجة بان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير تورط وشريكه الرئيس الامريكي السابق جورج بوش في حيلة كبرى لتضليل الشعب البريطاني في حرب أدعى الرجلان غير مرة انهما لايرغبان بخوضها. وتساءلت الصحيفة في مقالة للمدير السابق للملاحقات القضائية في وزارة العدل البريطانية كين ماكدونالد حملت عنوان منتشيا بالسلطة.. خدعنا بلير للدخول في الحرب أي شخص سيكون الان من السذاجة والبساطة بحيث يمكن ان يصدق بان بلير بقي يحمل افكارا بريئة ومنفتحة على التفاوض وليس الحرب بعد زيارته كراوفورد بتكساس ولقائه بوش. وأضاف ماكدونالد ان وعود واشنطن وفيما يبدو ادارت رأس بلير بحيث لم يعد باستطاعته مقاومة شعور التألق والنفوذ الزائف الذي منحته اياه فاصبح ضعيفا امامها واخذ يزداد ضعفا منذ ذلك الحين وحتى الان وبدأ مؤخرا يبرر موقفه ويده على قلبه قائلا: لقد فعلت حينها ما اعتقدت انه صائب. وتابع ماكدونالد غير ان هذه التبريرات لايمكن وصفها الا بالدفاع النرجسي والاناني مشيرا الى ان الاراء ووجهات النظر الشخصية لا يمكن ان تعتبر جوابا لسوء الحكم وبالتأكيد ليست مبررا لنشر الموت. وتابع:ان مقدار فاعلية لجنة شيلكوت للتحقيق في الحرب على العراق ستظهر من خلال فضحها لما حصل لاسيما انه وفيما يبدو فان رئيس الوزراء السابق وبينما البعد بينه وبين السلطة يزداد اتساعا بدأ يخسر الكثير من داعميه السابقين في الحكومة البريطانية. وأضاف ماكدونالد: انه لابد من الحذر خلال عملية التحقيق فعلى الرغم من ان لجنة التحقيق خلقت جوا اكثر ايجابية للوصول الى الحقيقة غير انه قد يكون من السذاجة اعتبار كل ما يقال فيها حقيقة ففي بعض الاحيان لايمكن الوصول للحقائق بالطريقة السهلة ويكون لابد من ان تصارع لتكون مسموعة. وحذر الدبلوماسي البريطاني من انه في حال فشلت اللجنة في كشف الحقائق الكاملة بشأن هذه الحرب ودون أي خوف فانها ستكون عرضة للازدراء وتحمل المسؤولية الى الابد لان مثل هذه النتيجة ستشكل ضربة موجعة لمصداقية الدولة ولن يكون بالامكان بعدها استعادة ثقة الشعب البريطاني فيها. وتابع: انه وفي هذه الايام الصعبة تكون ضريبة انعدام النزاهة امرا مكلفا جدا وعلى الحكومة ان تثبت مصداقيتها من جديد وتظهر انها تستحق الدعم الشعبي لافتا الى ان خطورة ومأساة حرب العراق تكمن اضافة الى حجم الدمار والخسائر في الارواح التي خلفتها في انها كسرت الثقة بين الشعب والحكومة وتحولت الى كذبة في الهواء.
بليكس: بلير كان قصير النظر في مسألة الحرب
نشر في: 15 ديسمبر, 2009: 06:37 م