لطفي حاتم 1 تمر العلاقات الدولية بحزمة من التغيرات الحاملة لقدر من الانفراج بعد توتر السياسة الدولية التي أوصلتها الإدارة الأمريكية السابقة الى طريق الأزمات الدولية ، وبسبب ترابط السياسة الدولية والمشاكل الدولية فان ملامح الانفراج الدولي انعكست بدورها على أزمات منطقتنا العربية.
لغرض متابعة تلك التغيرات وتحليل ركائزها وتأثيراتها على تطور العلاقات الدولية والإقليمية لابد لنا من ملاحقتها وحصرها بالمؤشرات التالية: ـ المؤشر الأول: ـ أدت سياسة الغطرسة التي انتهجتها الإدارة الجمهورية الى فشل أيديولوجية المحافظين الجدد المتمثلة بـالضربات الاجهاضية، التدخل في الشؤون الداخلية، إسقاط الأنظمة السياسية ــ وما نتج عنها من مآزق دولية وتوترات سياسية. المؤشر الثاني ــ استبدال نهج الهيمنة الأمريكية المرتكزة على التداخلات الدولية وتأجيج النزاعات الإقليمية بتفاهمات بين المراكز الرأسمالية والدول الإقليمية الناهضة على أساس توازن المصالح الدولية / الإقليمية. المؤشر الثالث: ـ استبدال سياسة التوتر والحروب بدبلوماسية الحوار والتدرج بالعقوبات الاقتصادية / السياسية والتلويح بالقوة بدل استخدامها . المؤشر الرابع ــ أفضت الأزمة الاقتصادية العالمية الى سعي الولايات المتحدة لإيجاد تفاهمات دولية بهدف الخروج من تلك الأزمة انطلاقا من إعادة دور الدولة الاقتصادي / الخدمي وما ينتجه ذلك من تطوير شبكة الضمانات الاجتماعية. المؤشر الخامس ــ تخفيف التنافس بين المراكز الرأسمالية القديمة منها والناهضة انطلاقا من موضوعة توازن المصالح الوطنية بين الدول الرأسمالية. إن التبدلات المشار إليها استندت إلى تصفية مخلفات الحرب الباردة والانتقال الى مرحلة التعاون الدولي المنبثق من وحدة العالم الرأسمالي المرتكز على وحدة الشركات الاحتكارية. بمعنى أن العلاقات الدولية تسير نحو التوافق بين كتلها الأساسية رغم أن المنافسة الرأسمالية تتمثل بين التكتلات الاقتصادية الدولية. لقد انعكست تطورات السياسة الدولية على بنية النزاعات الإقليمية والتي تتجلى بكثرة من الميول العامة نحاول إيجازها بالمفاصل التالية:ـ المفصل الأول: ـ استبدال استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية المسماة بالدرع الصاروخي ( الموجه ضد إيران ) باستراتيجية أخرى تشارك فيها روسيا الاتحادية والتي باتت اقرب الى التعاون مع حلف الناتو . المفصل الثاني: اعتماد الولايات نهجا ( متعاطفاً ) مع القضية الفلسطينية تمثل بعدم الاعتراف بشرعية الاستيطان الامر الذي أدى الى ( تعكر ) العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة رغم أن الأخيرة أكدت التزامها الاستراتيجي في حماية إسرائيل عبر مناورات عسكرية. ( 1 ) المفصل الثالث: ـ مصالحة الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم الإسلامي بعد التخلي عن النزعة الدينية في معالجة القضايا الدولية . المفصل الرابع: ـ محاولة حل الملف الإيراني بالطرق الدبلوماسية وإيجاد حلول واقعية تضمن حق الدول في امتلاك الطاقة النووية السلمية . إن التطورات السياسية الدولية تقودنا الى استنتاج مفاده أن التفاهم بين المراكز الرأسمالية على استقرار العلاقات الدولية ينطلق من الاعتراف الدولي بدور المراكز الإقليمية في معالجة الأزمات الدولية استناداً الى التعاون المشترك . إن مرونة السياسة الأمريكية أنتجت كثرة من التطورات في الشرق الأوسط منها تعثر الدبلوماسية الإسرائيلية بعد إعلانها دولة يهودية( 2 ) ومنها تطور العلاقات السياسية الاقتصادية / السياسية بين تركيا وسوريا وما نتج عن ذلك من قيام البلدين بمناورات عسكرية مشتركة ومنها تطور العلاقات بين تركيا وإيران(3 ) 2 استناداً الى تلك التغيرات لابد لنا من استعراض تطورات الأمن الإقليمي بادئين بتدقيق مفهوم الأمن العربي الذي بات مفهوماً فارغاً من مضامينه الفعلية معتمدين بذلك على أسباب كثيرة منها : ـ ــ غياب الاستراتيجية العربية المتصدية للتحديات السياسية والاقتصادية والثقافية.(4) ــ غياب الاستقرار السياسي / الاجتماعي بسبب احتكار السلطة وغياب الديمقراطية . ــ كثرة التحالفات العربية مع المراكز الدولية الذي أفضى الى نتيجتين خطرتين على الأمن الإقليمي والعربي أحداهما محاولة بناء تكتل عربي نفطي تابع للشركات الدولية الاحتكارية وما يعنيه ذلك من بناء تكتل قطري على قاعدة التبعية والإلحاق. وثانيهما سلخ الدول العربية الغنية عن مثيلاتها الفقيرة وما ينتج عن ذلك من تعثر بناء الأمن الإقليمي المستند الى مصالح دوله الوطنية. على أساس تلك المخاطر والانقسامات يواجهنا السؤال التالي : ما هي طبيعة المراكز الإقليمية الناهضة ؟ وما هي اتجاهات تطور مصالحها الوطنية ؟ . وأخيرا ما هي ملامح اصطفافاتها الإقليمية ؟ قبل الاحاطة بمضامين الأسئلة المثارة يتعين علينا تفكيك مفهوم المركز الإقليمي وتحديد ماهية ركائزه الأساسية, وبهذا السياق يمكننا القول أن طبيعة المركز الإقليمي تتحدد بكثرة من القوى والعوامل المترابطة التي تجعله مؤثراً بمسار السياسة الإقليمية والتي يمكن إيجازها بالعوامل التالية: ـ العامل الأول: ـ القوة الاقتصادية للبلد وما تتضمنه من ثروات طبيعية فضلا عن درجة تطور تنميته البشرية التي تؤهله لخوض المنافسة الإقليمية وا
النزاعـــات الإقليمية وأزمــة العــراق السـياسيــة
نشر في: 16 ديسمبر, 2009: 04:24 م