حازم مبيضينتشكل الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى دمشق, بعد جفاء انتقل إليه من والده الشهيد رفيق, مادة للأخذ والرد بين القوى السياسية اللبنانية, وحتى بين القوى المنتمية إلى تيار المستقبل, وهي على أهميتها تأتي بعد الزيارة الرسمية الاولى للسعودية,
وكانت وفاة شقيق الرئيس السوري مجد الأسد، مناسبة للتعجيل بها في إطار العادات الاجتماعية, لكن انشغال الحريري بالوفاء بزيارات كانت مقرة سابقاً, أعطته الفرصة والمبرر للتأكيد أن زيارته للعاصمة السورية ستظل في إطارها الرسمي, واستعيض عن ذلك بتكليف أحد الوزراء للقيام بواجب التعزية, والمؤكد أن العديد من الوزراء يتمنى القيام بهذه المهمة. زيارة الحريري ليست تعبيراً عن رضاه عن سياسات دمشق, خاصة وهو يعاني بقسوة في إنجازها, نظراً للإتهامات التي وجهت إلى سورية باغتيال والده, والمؤكد أن دمشق تنتظر من زيارته صك البراءة, فيما يؤكد أن القضية اليوم في عهدة المحكمة الدولية، لكنه يتجاوز الشخصي إلى العام, آخذاً بعين الاعتبار العلاقات السعودية السورية, التي سهلت تشكيل حكومته, ورغبة الرياض في اتخاذ دمشق موقفاً يقود إلى التهدئة في العراق، إضافة لحيادها على الاقل في الخلاف الخليجي الإيراني، والمضي قدماً وبثبات في البحث عن حلول سلمية مع اسرائيل. واذا كانت دمشق تتجاوز الكثير من الاعتبارات, فانها وباصرار تؤكد رمزية الزيارة, باعتبارها اعترافاً من التيار الذي يقوده الحريري بموقع سورية الجغرافي والسياسي بالنسبة إلى اللبنانيين، ولذلك فانها ترغب بأن تتم الزيارة براً وليس بطريق الجو، لتأكيد الترابط الجغرافي، وهي لاتزال تؤمن بعدم الندية في علاقات البلدين, وكان ذلك واضحاً في طلبها أن يتحدث البيان الوزاري بحكومة الحريري عن التوازن في العلاقات, وليس عن الندية, وفي المقابل فان الحريري مصر على إبقاء زيارته لسورية في إطار المؤسسات، من خلال تنسيق الزيارة ضمن القنوات الرسمية دون غيرها, وفي هذا الاطار سارع النائب نهاد المشنوق، من كتلة المستقبل بنفي زيارته لدمشق تمهيدا للحريري. المهم في الزيارة هو ما ستتركه من أثر في تيار المستقبل, لان انفتاح قيادته إعلاميا على السوريين يصطدم بموقف متشدد من تيار يصف الزيارة بأنها رسمية بامتياز ولا يفترض أن تعطى أكثر من حجمها، وهي من واجبات رئيس الحكومة. والخلاف هنا يتمحور حول الدور السوري المفترض في اغتيال الرئيس رفيق الحريري, وهنا فأن سعد حسم المسألة بعدم اصطحاب نواب من كتلته, لأنه يزور دمشق رئيسا للحكومة وليس كرئيس لتيار المستقبل، وسيرافقه وزراء يرى أنهم قادرون على انجاح مهمته, التي لن يقول أحد إنها تنازل, بقدر ما سيقول الجميع إنها تجاوز للشخصي من أجل المصلحة الوطنية, والثابت أن المحكمة الدولية ستواصل مهمتها لتكشف الجناة في استهداف الشهيد الحريري , وعندها سيكون لكل حادث حديث.
خارج الحدود: الحريري في دمشق.. ولا تنازلات
نشر في: 16 ديسمبر, 2009: 07:09 م