عبد الزهرة المنشداويمجتمعنا يمكن تشبيهه بجبل الجليد اذ ان الظاهر منه لايمثل الا نسبة قليلة وقليلة جدا من الحالة الاجتماعية والمعيشية والثقافية. مسألة الارتقاء بمجتمعنا تتطلب الكثير من الوسائل والمتخصصين والاموال اللازمة التي يمكن من خلالها توفير متطلبات يشكو منها المواطن في بيته وفي منطقته.
القاء المهمة على الموظفين الحكوميين الملازمين لمكاتبهم وغير المتفهمين بعد الى كيفية بذل الجهود والتعامل الامثل مع المشكلات التي نعاني منها وهي متعددة وبحاجة الى من ينبري لها بجد وبأحساس وطني عال. البعض من مواطنينا وفي المناطق الفقيرة على وجه الخصوص تزداد معاناته في اكثر من مجال ولكن لاسبيل لديه الى ايصالها لذوي الشأن، والوسيلة الوحيدة المتاحة هي (العريضة) و(العرض حالجي). قاع المجتمع لدينا وهي الفئات التي ابتليت بشتى الهموم والمشاكل صارت لاتؤمن تماما بتوجهات الدولة او خطب الناخبين من اولئك الذين (يقولون ما لايفعلون)والذين دائما ما يديرون الظهر لمن استدرجوه للحصول على صوته خلال الانتخابات التي لم يجن منها المواطن المصوت شيئاً يذكر. الاعتماد على المكاتب الرسمية ودهاليزها وسطوة الموظف صاحب ربطة العنق العريضة لايمكن ان تجدي نفعا في مجتمع لا تزال نسبة فقرائه هي الاعلى ومنحناها في تصاعد مستمر، ولا نعتقد بأنه سيتوقف عند حد ما لم يتم تدارك الامور وعلاجها. الويلات التي عانى منها المجتمع العراقي معروفة والمآسي مستمرة فنحن ما زلنا نواجه عدوا دمويا يحصد الارواح بين الحين والاخر وبالمئات من خلال التفجيرات التي تحدث هنا وهناك ونتائجها مزيد من العوائل التي تفقد معيلها ومزيد من الايتام والارامل والمعوقين، وهؤلاء يتركون دون عناية او التفاتة يمكن أن تكون لهم عزاء في حياة صعبة ويجب ان تستمر رغم ذلك. الموظف الحكومي لا يزال هو ذاك الموظف الذي جل ما يفعله حساب ساعات العمل والعد لايام الشهر اما ما ينجز او ما يقدم من خدمة فليست بذات بال بالنسبة لمن يعمل تحت امرتهم لذلك نجد المواطن يفقد الثقة بالمؤسسة الحكومية التي تتعامل بالروتين والمواعيد و(روح وتعال). هناك عوائل تعيش اوقات صعبة ومدخولها الشهري يكاد يكون معدوما وهي تفتقر الى ادنى متطلبات الحياة الضرورية. وصولها الى مكاتب الموظفين لايحل لها مشكلة وقد جربت ذلك دون جدوى .بعد التغيير مباشرة انبثقت جمعيات المجتمع المدني وبكثرة لافتة للنظر . هذه الجمعيات يجب ان تتوسط ما بين الدولة والمواطن وتطالب برفع مظلومية اسر وافراد ركنوا في زوايا بيوتهم وهم تحت طائلة العوز والفقر والفاقة يجترون اليأس والإحباط والحزن المفجع . شرائح فقيرة ترسبت في قاع مجتمعنا بحاجة الى من يدفع عنها معاناتها ويوفر لها متطلبات الحياة التي لايمكن ان تعاش تحت وطأة ظروف غاية في الصعوبة. منظمات المجتمع المدني لدينا ما زالت دون المستوى المطلوب من الاداء وتفتقد ابسط شروط الثقافة في مجالها . البعض منها ظهر على السطح بمسميات عقائدية وسياسية لم ينتفع منها بقدر ما انتفع منها العضو المنتمي اليها .لذلك المطلوب اشاعة الثقافة في هذا الجانب ومساعدة منظمات يثبت التزامها وتهيئتها لان تكون عونا للمواطن. الكثير من المشاريع لدينا رصدت لها ميزانيات ضخمة لكنها معطلة ولم تنفذ بعد، يمكن للدولة تمويلها من هذه الارصدة للغوص في قاع المجتمع وانتشال اسر عديدة من هول الحال المأساوي الذي تعيشه.
قــاع الـمـجـتـمـع
نشر في: 19 ديسمبر, 2009: 03:33 م