TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فــــارزة: يريدونه حياً..لامزيد

فــــارزة: يريدونه حياً..لامزيد

نشر في: 19 ديسمبر, 2009: 08:08 م

علي حسينمنذ سنوات قرأت مسرحية الزير سالم للكاتب المصري الفريد فرج..والمسرحية تحكي قصة ذلك الرجل الذي قتل اخاه في معركة فثأر له بأن خاض حربا لانهاية لها ضد كل البشر، وحين تحاول القبائل ارضاءه بكل الطرق تفشل محاولاتها لانه كان يرفض التنازل عن مطلبه الوحيد وهو ان يعيدوا له (اخاه) حياً..
ماذا يحدث بعد ذلك؟ هل يعاد للزير سالم اخاه ام انه سيهلك كل ناسه في حروب من اجل هدف واحد هو اول من يعلم انه مستحيل؟ تذكرت هذه المسرحية وانا اقرأ تحقيقا صحفيا للزميل معد فياض نشرته صحيفة الشرق الاوسط..التحقيق حمل عنوان (سياسيون يشاطرون العراقيين انتظار المعجزات والتحسر على ايام صدام). انتظار المعجزة والتحسرعلى زمن مضى عبارة يرددها بأعجاب شديد هذه الايام عدد كبير من المحللين السياسيين والمثقفين العرب الذين تمتلئ بهم صحف وقنوات فضائية تنادي بثأر (الزير سالم)..هذه العبارات باتت اليوم تجسد أسوأ مافي تفكيرنا.. لم نقرأ للأسف اونسمع ان تظاهرعدد من الكتاب والمثقفين العرب احتجاجا على العمليات الارهابية التي ضربت بغداد مؤخرا والتي سفكت فيها دماء بريئة لاطفال ونساء وشيوخ وشباب.. لم نقرأ او نسمع الا بضعة اصوات قليلة مخلصة وصادقة وهي تتحدث عن تجربة العراق في الديمقراطية واهميتها ضمن المسار التاريخي لحركة الشعوب ، لكن صحف القومجية امتلأت بالسباب والشتائم للشعب العراقي لانه فرح بالحرية وباندحار عصر الدكتاتورية.. لعله من المثير للعجب ان تمتلئ الصحف العربية بالتحليلات والآراء والمناقشات حول قرار سويسرا الخاص بالمآذن ، فيما غاب أي تحليل اوخطاب يقف مع الشعب العراقي ويؤازر تجربته الجديدة . لم نقرأ ونسمع تصريحات لمسؤولين عرب تدين الارهاب الاعمى الذي لاهدف له سوى معاقبة العراقيين لانهم خرجوا على ارادة الديكتاتور . لم نقرأ او نسمع ان قدم مثقف عربي التعازي لضحايا العمليات الارهابية لكننا سمعنا ورأينا كيف نصبت سرادق العزاء بعد مقتل ابو مصعب الزرقاوي، وكيف تبادل قادة المنظمات القومية والاسلامية برقيات التعزية بهذا المصاب الجلل على حد تعبير احد قادة حماس..ما زال المثقفون العرب للاسف يهتفون للزعيم الاسطورة الذي قال في يوم من الايام انه سيحرق اسرائيل..بينما الالاف من ابناء شعبه هم فقط الذين عليهم ان يتنازلوا عن ارواحهم واجزاء من اجسادهم وبيوتهم ويمحى حاضرهم ويضيع مستقبلهم..هل هناك بلاهة او جريمة اكبر من هذا الذي يحدث حولنا ..ان نضحي بالشعب العراقي حفاظا على شعارات القومجية العرب ، وبدلا من مناقشة التجربة العراقية الجديدة وتفعيل سبل مواجهة الارهاب ، تراهم يقيمون منابر الخطابة للحديث عن غياب الهوية العراقية.. ثمة امر نتفق عليه جميعا هو سوء الخدمات والازمات الاقتصادية والامنية ووجود ملفات من الفساد المالي..ولكن علينا الاعتراف جميعا ان عقارب الساعة لايمكن لها ان تعود الى الوراء وان التجربة الديمقراطية في العراق ستكون نواة لتجارب اخرى في البلدان العربية..وان احلام واماني الزير سالم لن تجد لها ارضاً خصبة في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram