TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > عمارة كربلاء ..منذ تأسيس الدولة العراقية

عمارة كربلاء ..منذ تأسيس الدولة العراقية

نشر في: 20 ديسمبر, 2009: 04:18 م

د. رؤوف الانصاري بعد قيام الدولة العراقية سنة 1921م ، ونظرا لموقع مدينة كربلاء الديني والسياحي والجغرافي ، بدأ العمران في هذه المدينة بأخذ منحى جديداً كسائر المدن العراقية الكبيرة. فقد أنتقلت إليها أساليب جديدة في التصميم والبناء وأنماط وعناصر المفردات المعمارية الغربية ، وخاصة في الابنية التي أستحدثت خارج حدود المدينة القديمة.
 وكانت أقرب المصادر المعمارية هي إنكلترا نظراً لتأثيرها الملموس في تلك الفترة التاريخية من العراق. بدأ تخطيط المناطق الجديدة من مدينة كربلاء بالأبتعاد عن الأزقة الضيقة والطرق الملتوية التي تميز بها الجزء القديم منها وخاصة في المناطق المحيطة بالروضتين ، وكان ذلك بحكم ظروف الحروب والغارات التي كانت تتعرض لها المدينة. ولأول مرة أستعملت في المباني الجديدة مواد بناء كالأسمنت والحديد وخاصة حديد الشيلمان (I Beam) الذي استعمل بكثـرة في تسقيف البيوت والأبنية الأخرى بدلاً من أخشاب جذوع النخيل وألواح جذوع الحور (القوغ) وبعض الأخشاب الأخرى ، خصوصاً في القسم الجديد من المدينة والذي تم تخطيطه في عهد الوالي العثماني مدحت باشا. وقد أعيد بناء تلك المباني مرة أخرى ، نتيجة لتشييدها على أرض سبخة تنز فيها المياه مما أدى إلى أنهيارها. وكان سبب ذلك وجود مستنقع كبير يحيط بمدينة كربلاء من الناحية الجنوبية والجنوبية الشرقية وعلى طريق كربلاء الحلة. وقد حافظت البيوت والمباني داخل محيط مدينة كربلاء القديمة على النسيج العرماني والطابع المعماري الخاص بالمدينة ، إذ كانت منخفضة وذات طابق واحد إلى طابقين بحيث تلائم طبيعة وبساطة العادات الأجتماعية والوضع الأقتصادي والبيئي. وكذلك لا تتعدى أرتفاعاتها أرتفاع السور الخارجي لصحني الروضتين الحسينية والعباسية والتي ظلت على ما هي عليها منذ قرون عديدة وذلك حرمة لمكانة المرقدين. وفي هذه الفترة أشتهرت مدينة كربلاء ببعض العمائر البارزة اشهرها رباط الهنود (الإسماعيلية) المعروفين بـ(البهرة) ، وكذلك بناية دائرة الماء والكهرباء ودائرة الحكومة ودائرة البرق والبريد بالإضافة إلى بعض المكتبات ومبنى البلدية الذي كان موقعه في الميدان القديم ، وكذلك الاسواق التراثية والعديد من الخانات التي كانت تستقبل التجار والزائرين للسكن فيها(2). وفي مركز مدينة كربلاء ، حيث تكون الروضتان موقع تجمع سكان المدينة ومحور حياتهم ، كانت الأسواق تحيط بالروضتين والمباني الدينية الأخرى ، وتمتد أمام مداخلها بحيث لا يمكن للزائر إلا أن يمر من خلالها. وتمتاز هذه الأسواق ببساطة بنائها وطابعها المعماري الإسلامي. ومن أهم هذه الأسواق وأشهرها سوق الحسين ، وسوق العرب ، وسوق المخيم ، وسوق العباس ، بالإضافة إلى القيساريات التي كانت موزعة ضمن الأسواق(3). ومنذ سنة 1354هـ (1935م) وإلى سنة 1367هـ (1948م) بدأت بلدية كربلاء ، وعلى مراحل العمل على فتح الشارع المحيط بصحن الروضة الحسينية بحجة تنظيم حركة المرور وسير الزوار. وبسبب التخلف في الرؤية العمرانية والفنية والفكرية من قبل المسؤولين أنذاك ، فقدت مدينة كربلاء ، نتيجة هذا المشروع ، أجمل آثارها العمرانية الإسلامية التي كانت جزءاً من صحن الروضة الحسينية والتي ظلت شاخصة قرون عديدة ، ومن اهمها مئذنة العبد الشهيرة التي كانت تعتبر أحد أجمل الصروح المعمارية في المدينة ، وكذلك الصحن الصغير الملحق بها وبعض المعاهد والمدارس الدينية والجوامع(1). وقد كان بالأمكان تلبية تنظيم متطلبات حركة المرور وتنظيمها وتطويرها وتجنب ما حدث من هدم وتشويه ، وذلك باتباع دراسة تخطيطية علمية سليمة بحث تهدف إلى الحفاظ على الأبنية الدينية والتراثية في المدينة. نشر جاك بيرك وهو مستشرق فرنسي سنة 1398هـ (1978م) أنطباعاته عن رحلته إلى كربلاء في كتابه (من الفرات إلى الأطلسي) والتي تمت في فترة سابقة لم يحددها ، ولكن على ما يبدوا أنه زارها في العهد الملكي ، حيث يقول: (كربلاء هي مركز لواء عدد نفوسه 217 ألف نسمة ، منهم 80% من الحضر ، وتضم المنطقة نفسها مدناً شهيرة مثل النجف والكوفة ، وتقع على بعد 102 كلم إلى الجنوب الغربي من بغداد. فيها أراض زراعية غنية وتليها مباشرة المنطقة الصحراوية. وتمتد قناة الحسينية بمحاذاة نهر الفرات على اليسار ، وهي إحدى اعمال المهندس الهندي المعروف وأيلكوكس الذي أدار فيما بعد الأعمال الهندسية في مشروع أسوان بمصر) . ويتحدث بيرك عن عمران مدينة كربلاء حيث يقول: (إن المدينة تتشابه مع باقي المدن العراقية الأخرى في طريقة البناء ، حيث تنتشر البيوت البارزة والشرفات الزجاجية المسندة بقوائم خشبية بسيطة (الشناشيل) ، وإلى جانب هذه البيوت التقليدية هناك أيضاً الأحياء السكنية المبنية بالأسمنت المسلح ، وهي بيوت يسكنها الموظفون والضباط(1). وفي سنة 1954م بدأ العمل بتنفيذ بناء (حي الإسكان) من قبل الحكومة والذي خصص لموظفي الدولة ويقع إلى الجنوب الغربي من مركز المدينة على بعد ثلاثة كيلو مترات تقريباً(2). وفي سنة 1955م أستحدث متصرف كربلاء السيد حسن السعد (حي الحسين) الذي يقع إلى الجنوب الغربي من مركز المدينة على بعد 3 كلم على طريق كربلاء النجف الجديد وملاصقاً لحي الإسكان ، ويعتبر هذا الحي من الأحياء الحديثة الموجودة حالياً في كربلاء وأوسعها ، وقد خطط ب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram