ترجمة :مصطفى علي فالح إن بلداً يتصف بالاقتصاد الهش يمتلك احتياطياً نفطياً ضخماً عادة سوف يوصف بالحكيم لضخه اكبر قدر ممكن من النفط وبأسرع وقت كون الشركات الغربية في حاجة ماسة جدا للنفط الخام الذي يتصف برخص أنتاجه وتكريره وهي مستعدة دوما للمساعدة على انجاز هذا الامر ولكن ترتيب هكذا أمر في العراق ليس بالشيء الهين.
إن جولة التراخيص الثانية للحصول على حقوق تطوير حقول النفط العراقية أختتمت يوم السبت الثاني عشر من ديسمبر/ كانون الاول 2009 في مقر وزارة النفط العراقية وقد سبقتها جولة التراخيص الاولى في شهر حزيران / يونيو 2009 المتلفزة والتي اسفرت عن نتائج محرجة بسبب نجاح عقد واحد من اصل ثمانية عقود كان من المفترض التعاقد بها مع الشركات الاجنبية، وفي منتصف هذا اليوم وتحديدا بحلول منتصف نهار يوم الجمعة فازت شركتان أجنبيتان بعقد تشاركي مشترك لحقلين كبيرين من النفط ولقد فازت بهذا العقد شركة شل الهولندية بالمشاركة مع شركة بيتروناس الماليزية ويتضمن هذا العقد حقوق تطوير حقل مجنون، احد اكبر الحقول النفطية غير المستغلة. على الجانب الاخر فازت شركة البترول الوطنية الصينية ، احد اكبر منتجي النفط والغاز في العالم بالمشاركة مع شركة بيتروناس الماليزية وتوتال الفرنسية بعقد لاستخراج النفط من حقل حلفاية متفوقات على منافساتها من الشركات الاوروبية والامريكية والاسيوية .وفي يوم السبت وضعت شركتا لوك اويل الروسية وشتات اويا النرويجية يديهما على الجائزة الكبرى من التعاقدات وهي حقل غرب القرنة-2 على الرغم من ان العديد من الحقول التي عرضت خلال يومي الجمعة والسبت فشلت في ايجاد مشترين لها وبهذا تعتبر هذه الجولة الثانية من التراخيص النفطية العراقية اكثر نجاحا من سابقتها الاولى. وكانت الشركات الاجنبية قد تذمرت من كون الشروط التي وضعت في جولة التراخيص الاولى خلال شهر حزيران / يونيو 2009 كانت شديدة جدا. بدوره قام القادة العراقيون واضعين في اعتبارهم المطالبات من جانب القوميين العراقيين في البرلمان بذكر انهم سوف يقومون ببيع هذه العقود الثمينة حسب شروط ومعايير لا يستطيع من خلالها الا ائتلاف الشركات النفطية الاجنبية ، فقط الفوز بها. من جانب آخر فازت شركة بريتش بتروليم البريطانية وبالمشاركة مع شركة البترول الوطنية الصينية بعقد بموجبه تتولى الانتاج في حقل الرميلة، احد اكبر حقول النفط العراقية.منذ ذلك الوقت تقبلت الحكومة العراقية فكرة حاجتها الى التسريع بعمليات الانتاج لتأمل أن تصل من 2.4 مليون برميل يوميا من الانتاج النفطي الى 7 ملايين برميل يوميا بحلول العام 2017 . لقد ادى هذا الى توضيح شروط الاستثمار ، في الواقع خفض الضرائب. أن اعادة كتابة هذه الشروط والقوانين التعاقدية ادى الى قبول العطاءات التي فشلت في الجولة الاولى للتراخيص مثل عقد شركتي أكسون موبيل و شل لتطوير حقل غرب القرنة وعقد شركة "أي أن أي" التي حصلت بدورها على حقل الزبير. أن هذه الجولة تعتبر اكثر قبولاً من سابقتها . أن المساعدة في عمليات الانتاج النفطي العراقي تتطلب الان عملية استبدال المعدات النفطية القديمة او تجديدها وفرز الادارة غير الفعالة منها. أن الحقول التي تم ذكرها سابقا تعتبر من الحقول غير المستغلة وهي بالتالي تحتوي على نفط قريب من سطح الارض من السهل استخراجه وتكريره ولكن اذا كانت شركات النفط الكبرى تبدو اكثر حماسا فأنه بالكاد لان مكافأت العقود الفورية تبدو قريبة المنال. أن حقل مجنون وحده ينتج في الوقت الحاضر 46000 برميل يوميا لكن شركة شل قد تعهدت بزيادة الانتاج الى 1،8 مليون برميل يوميا. أن فوز شركة شل بهذا العقد قد ضمن لها رسماً لا يتجاوز 1.39$ للبرميل الواحد من النفط لكنها تأمل اضافة الى الاربع والأربعين شركة المشاركة في جولة التراخيص الثانية في الحصول على موطئ قدم وبالتالي الامل في الحصول على فرص افضل لتطوير حقول النفط العراقية في المستقبل، لكن هذا التفاؤل قد يبدو في غير محله كون العراق ما زال لا يوجد لديه قانون للنفط لحماية الشركات الاجنبية النفطية المستثمرة في العراق ولن يوضع هذا القانون الا بعد الانتهاء من الانتخابات المقرر اجراؤها في شهر أذار من العام 2010 وعلى الاقل لن يكون واجب على الشركات الاجنبية البدء بالاستثمار قبل ذلك. أن الحقول التي يتم استثمارها للمرة الاولى تحتاج الى استثمار بنى تحتية ضخمة جدا لغرض ضخ النفط من الارض الى خطوط الانابيب الموجودة او الى الموانئ الموجودة على الساحل والشكوك ما تزال تحوم بخصوص قدرة الحكومة العراقية على بناء المزيد من خطوط الانابيب النفطية والطرق او لاصلاح البنى التحتية ومن ثم ابقاءها امنة. أن استثمار شركة شل لحقل مجنون الجنوبي قرب الخليج العربي ينبغي ان يجعل ذلك اقل خطورة. الحقول التي تقع في مناطق خطرة اجتذبت عروضاً ضئيلة او لا تذكر من العروض وهي تقع في مناطق خطرة من غربي العراق، قرب بغداد او قرب الموصل في شمال العراق . أن الحكومة العراقية قد تلجأ الان الى تطويرها بنفسها من دون المساعدة الاجنبية في ذلك وعلى الاقل فأن تلك الحقول تطالها المعارضة السياسية التي لا تزال تتخوف من الاستثمار الاجنبي في العراق.
هل أن مزاد جولة التراخيص الثانية سيجعل النفط العراقي يتدفق بحرية؟
نشر في: 21 ديسمبر, 2009: 03:39 م