فخري حميد جابر تشكل المشاريع المتوسطة والصغيرة حجر الأساس في نمو وتطور الاقتصاد الوطني وخصوصاً في الدول النامية والدول التي في طور التحول من الاقتصاد المخطط الذي يكون فيه دور القطاع الخاص ومساهمته في الاقتصاد محدودة إلى اقتصاد السوق الذي يكون فيه القطاع الخاص لاعباً أساسياً،
حيث تلعب المشاريع المتوسطة والصغيرة دوراً أساسياً في هذه المرحلة الانتقالية وذلك لكونها مشاريع لا تحتاج إلى استثمارات كبيرة ولا إلى مهارات وتكنولوجيا متقدمة ومعقدة بالإضافة إلى أنها تعتمد على مستلزمات الإنتاج المحلية وبما يشكل لها ميزة نسبية، كما أنها تساعد على تشغيل الأيدي العاملة لكونها مشاريع تعتمد على كثافة العمل الى رأس المال في وقت إن استثمارات الدولة في هذه المرحلة موجهة نحو إعادة تأهيل وبناء البنى التحتية للبلد. إن المشاريع المتوسطة والصغيرة قد تكون حجر أساس لإنشاء مشاريع كبيرة في المستقبل، وسيتم في هذه الورقة التركيز على المشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة وذلك لأهمية النشاط الصناعي بشكل عام وأهمية دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص في بناء صناعة وطنية جنباً إلى جنب مع الصناعات الكبيرة إضافة إلى توفر البيانات الإحصائية عنها. نبذة تاريخية عن تطور الإحصاء الصناعي في العراق تبرز أهمية الإحصاءات الصناعية من أهمية النشاط الصناعي ودوره في الاقتصاد الوطني الذي ركزت عليه اغلب خطط التنمية الاقتصادية التي وضعت في العقود السابقة وذلك للدور الذي سيلعبه هذا القطاع بصفته القطاع القائد لعملية التنمية لجميع الأنشطة الاقتصادية بما سيوفره من متطلبات التنمية لتلك الأنشطة، وبناءً على ذلك لعبت بيانات الإحصاء الصناعي دوراً أساسياً في دعم خطط التنمية الاقتصادية ورفدها بالمعلومات الضرورية لبناء الخطط التنموية للقطاع المذكور بشكل خاص ومن هذا المنطلق تم التركيز على بناء قاعدة بيانات إحصائية تلبي متطلبات التخطيط في تلك المرحلة والمراحل اللاحقة. تم إجراء أول تعداد صناعي شامل في العراق عام 1954 ضمن سلسلة من التعدادات للأنشطة الاقتصادية، وتم تنفيذ تعداد صناعي عام 1959 حيث جرى تجميع البيانات لجميع المحافظات، وفي عام 1968 تم إجراء تعداد صناعي بطريقة العينة. قام الجهاز المركزي للإحصاء بالتعاون مع مركز التنمية الصناعية التابع لجامعة الدول العربية بمسح صناعي شامل عام 1970 عرف بإسم برنامج التطوير الصناعي وقد ساعد على نجاح هذا المسح صدور قانون وزارة التخطيط الجديد عام 1969 حيث أدخلت تعديلات واسعة على تشكيلات وزارة التخطيط وأصبح الجهاز المركزي للإحصاء الجهة المركزية المسؤولة عن تقديم الخدمات الإحصائية للأجهزة التخطيطية وأجهزة الدولة. في عام 1983 نفذ الجهاز المركزي للإحصاء مسحاً صناعياً شمل جميع المنشآت الصناعية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. في عام 2001 تم إجراء مسح صناعي شامل لجميع المنشآت الصناعية وقد تم استخدام التصانيف الدولية الحديثة ( التصنيف الصناعي الدولي الموحد لجميع الأنشطة الاقتصادية لسنة 1991 ISIC3) وذلك لتعزيز مقارنة البيانات على الصعيد الدولي، والجهاز مستمر بإجراء مسوح سنوية دورية شاملة بالنسبة للمشاريع الكبيرة والمتوسطة وبالعينة بالنسبة للمشاريع الصغيرة. يقوم الجهاز المركزي للإحصاء بتغطية شاملة للنشاط الصناعي في البلد بشقيه العام والخاص وذلك من خلال إجراء المسوحات الشاملة بهدف توفير بيانات أساسية عن نشاط الصناعة التحويلية مثل عدد المنشآت، عدد العاملين، رواتب وأجور العاملين، قيمة الإنتاج، قيمة المستلزمات، الموجودات الثابتة، القيمة المضافة..الخ معتمداً التصنيف الصناعي الدولي ISIC3)) في تبويب وتصنيف المشاريع الصناعية والتي صنفت إلى ثلاثة أنواع هي: 1- المنشآت الصناعية الكبيرة: وهي المنشآت التي تستخدم 30 عاملاً فأكثر. 2- المنشآت الصناعية المتوسطة: وهي المنشآت التي تستخدم 10 عمال فأكثر. 3- المنشآت الصناعية الصغيرة: وهي المنشآت التي تستخدم 9 عمال فأقل. وتشير البيانات الإحصائية إلى إن أعلى مستوى لمساهمة نشاط الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي كانت (12%) سنة 1989 تراجعت بعدها بسبب الظروف التي مر بها العراق لتصل نسبة مساهمة النشاط الصناعي في النتائج الى (1.5%) سنة 2006 ثم ارتفعت بشكل طفيف إلى (1.6%) سنة 2007. لقد كان التركيز في العقود السابقة على نشاط القطاع العام، أما القطاع الخاص فقد كان دوره محدوداً. بعد عام 2003 والتحول إلى اقتصاد السوق كان من المتوقع أن يتسع دور القطاع الخاص إلا أن الواقع عكس ذلك ويعود السبب إلى جملة من العوامل من أبرزها العامل الأمني وبناءً على ذلك يصبح دور الصناعة بشكل عام والصناعات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص ضعيفاً جداً. بلغت نسبة مساهمة المشاريع الصناعية الصغيرة في ناتج نشاط الصناعة التحويلية (35.2%) سنة 2006 تراجع في سنة 2007 إلى (26%) بسبب تدهور الظروف الأمنية في تلك السنة. بلغ عدد المنشآت الصغيرة (11620) سنة 2006 ارتفع إلى (13406) سنة 2007 أي بنسبة زيادة قدرها (15.4%) مشكلة ما نسبته (97%) من مجموع المنشآت الصناعية في العراق، أما عدد المشتغلين فقد بلغ (46494) سنة 2006 ارتفع إلى (53679) سنة 2007 أي بفارق قدره (71
المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة وأثرها فـي الاقتصاد الوطني
نشر في: 21 ديسمبر, 2009: 03:42 م