TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > غاكاكا في جرائم رواندا

غاكاكا في جرائم رواندا

نشر في: 21 ديسمبر, 2009: 04:14 م

زهير كاظم عبود قد يبدو الاسم غريباً بعض الشيء إلا أنها تجربة قضائية جديرة بالتقدير والاهتمام في ظروف مثل التي يمر بها بلدنا ، فقد وجدت رواندا أن معالجة قضية الجرائم التي ارتكبت وعمليات الإبادة الجماعية التي حلت على البلاد لا يمكن للقوانين والطرق التقليدية في الأحكام والتحقيق أن تحل مشاكلهم سريعا بفترة يمكن معها طي صفحة جديدة للبدء بمشاركة الجميع بناء رواندا جديدة
تقوم على احترام كرامة الإنسان وتحفظ حقوقه وحياته وتحت ظل قانون يسود الجميع . وغاكاكا تعني نظاماً قضائياً عالج قضايا الجرائم والمجازر المرتكبة بحق شعب رواندا في أفريقيا،وغاكاكا تعني باللغة الوطنية غينيا – رواندا - وتستمد فكرة المحاكم من المجالس الشعبية التي تتولى حل الخلافات في القرى والمدن من قبل الحكماء والشيوخ ، وضع نظام الغاكاكا أمامه مبادئ وضوابط أساسية في العمل ، منها أن أهالي الضحايا لن يتمكنوا من الانتظار سنوات عديدة للتحقيق في قضاياهم ومن ثم إصدار الأحكام ومن بعد ذلك تنفيذها ، ما يعني أن إجراءات التحقيق والمحاكمة ستكون مختزلة وسريعة ، كما أن الأهم والأكثر هو فرز من تتمكن العدالة من إعادته الى المجتمع من هؤلاء المجرمين لإعادة انخراطه وإعادته الى الحياة الطبيعية ، وأن يساهم النظام مساهمة فعالة وأكيدة في مسألة الوحدة الوطنية واستقرار البلاد والشروع ببناء الخراب الذي آلت إليه رواندا ومن ثم المساهمة في التخطيط للمستقبل بما يطوي صفحة مريرة من صفحات البلد . من المؤكد ان إحالة المتهمين الى المحاكم وصدور الأحكام العادلة بحق من تتم إدانته يعيد ثقة الناس بالقضاء وبالعدالة وبالقانون ، كما يساهم في ترسيخ حالة الردع إزاء السلوك الإجرامي المرتكب ، مثلما تساعد على تأهيل من يمكن تأهيله من المجرمين وإعادته الى المجتمع ، كل هذا يساهم بشكل فعال في إرساء معالم البناء الدستوري والقانوني في البلاد . ولهذا بدأ نظام الغاكاكا في تقسيم المتهمين الى اربع فئات ، الفئة الأولى هم من خطط للإبادة الجماعية من القادة والمخططين ورموز السلطة الذين ساهموا في تحويل تلك المخططات الى واقع أجرامي عملي سواء منها القتل الجماعي او عمليات الإبادة أو التعذيب الجسدي او الاغتصاب الجنسي . والفئة الثانية هم المشاركون في عمليات القتل والتعذيب والإبادة أو من ارتكب جرائم الشروع بالقتل أو مرتكبو جرائم العنف الخطرة التي لم تصل مستوى القتل . والفئة الثالثة هم مرتكبو أعمال العنف التي لم تؤد الى الموت . الفئة الرابعة والأخيرة من ارتكب جريمة من جرائم التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة التي نص القانون على معاقبة مرتكبيها . في بدء أعمال هذا النظام القضائي كان في السجون ما يقارب 130 ألف شخص متهم بتنظيم الإبادة الجماعية والمشاركة بها، وزاد ذلك الأمر من شل الحياة بعد سنوات من الخراب والدمار والمآسي التي حلت على رواندا ، بالإضافة الى ما أصاب المؤسسات التي تقوم بضبط القانون وتنفيذ الأحكام من تعطيل وغياب ما زاد من حدة تفشي الجريمة وعمليات القتل وتكوين الجماعات الإجرامية التي لم تكن تلقى المواجهة والردع المناسب . تم اعتماد العمل في نظام غاكاكا في آذار من عام 2001 ، وبعد أن يستكمل التحقيق في قضايا الفئة الأولى من المتهمين تتم إحالتهم مع قضاياهم الى محاكم الجنايات لإصدار الأحكام بالإدانة او بالبراءة حسب مقتضى الحال . أما بقية الفئات الثانية والثالثة والرابعة فقد تم اختيار عدد من القضاة المشهود لهم بالخبرة والحياد والاختصاص حيث تلقوا تعليما ودورات مكثفة بمساعدة الأمم المتحدة ليتم تشكيل عدد من المحاكم الجزائية التي تقوم بتطبيق النظام البديل(الغاكاكا)، بمشاركة عدد من شيوخ القبائل والحكماء حيث تم تشكيل 106 محاكم للبت في قضايا المتهمين على مستوى المقاطعات والمدن ، لتصدر الأحكام حسب الفئة التي تم تصنيف المتهم بموجبها ، ويمكن للمتهم من الفئة الأولى والثانية أن يطعن بالقرار ويستأنف المحاكمة ( حسب النظام ) حيث يتم رفع القضايا الى اعلى هيئة قضائية لتدقيق الاحكام . ومن المبادئ التي التزمت بها المحاكم وفق نظام الغاكاكا أنه لا يتم إصدار أحكام بالإعدام مهما كانت الجريمة المنسوبة للمدان ، وكذلك إصدار الأحكام بحق الأحداث من المدانين الذين لم يبلغوا سن 18 سنة وتجاوزوا سن 14 سنة أن تكون نصف العقوبة المقررة للبالغين ، اما من لم يبلغ سن 14 سنة فيتم إطلاق سراحه وتسليمه الى ذويه بمقتضى القانون . ويمكن للمدانين من الفئة الثانية والثالثة ان يقضوا نصف عقوبتهم في الخدمة الاجتماعية باستثناء المدانين من الفئة الثانية الذين رفضوا الاعتراف والإقرار بالذنب ، ولن يخضع المتهمون في الفئة الرابعة للعقوبة في حال التوصل الى اتفاق على استرداد السلع المسروقة او التالفة أو إعادة أقيامها . وأعتمد نظام الغاكاكا على مبادئ المصالحة الجدية والعملية التي تبناها المجتمع الرواندي، وبقي أن نعلم ان نظام الغاكاكا بدأ العمل فيه فعليا في عام 2002 وانتهت جميع القضايا المعروضة أمام الأجهزة القضائية وجرى البت في جميع قضايا الفئات ، وعادت الحياة الطبيعية الى هذا البلد الأفريقي الجريح الذي خسر نتيجة تلك المجازر والمذابح التي جرت في عام 1994 حوالي أكثر من مليون إنسان تحملت أكثرها قبيلتا التوتسي والهوتو وارتكبها تخطيطا وتنفيذا كما ثب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram