اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل صحيح أن "أكل أكياس الملح" أسهل للعرب من الوحدة؟

هل صحيح أن "أكل أكياس الملح" أسهل للعرب من الوحدة؟

نشر في: 21 ديسمبر, 2009: 04:15 م

شاكر النابلسي كان خروشوف (الدُب الروسي الظريف) (1894-1971) ورئيس الاتحاد السوفيتي (1953-1964) قد حضر مهرجاناً خطابياً عام 1964 في أسوان، بمناسبة الانتهاء من المرحلة الأولى لبناء السد العالي الذي تم الانتهاء من بنائه عام 1970. وكان عبد الناصر في تلك المناسبة يتحدث عن مواضيع قومية كثيرة، ومن ضمنها الوحدة العربية، وضرورة قيامها،
خاصة أن عبد الناصر كان ما زال ينزف من جرح عميق جداً لانفصال الوحدة المصرية – السورية (1958-1961). وقال عبد الناصر في ذلك الخطاب كلاماً رومانسياً وعاطفياً مبكياً، وكان كعادته في معظم خطاباته يخاطب القلب العربي لا العقل العربي، ويدغدغ الأحاسيس والعواطف، ويثير الغرائز القومية، قبل أن يُحفِّز العقل على العمل والتفكير. ولعل تلك كانت من أسباب فشل الوحدة العاطفية والرومانسية بين سوريا ومصر، والتي انهارت سريعاً بعد ثلاث سنوات من قيامها، بفضل عدم التفات القيادة الناصرية إلى ضرورة المحافظة والاحتفاظ بالشخصية السورية، وعدم إذابتها كلياً بالشخصية المصرية. والاكتفاء من الوحدة بوحدة الجيشين السوري والمصري، ووحدة السياسة الخارجية فقط، دون الإذابة التامة للشخصية السورية في الشخصية المصرية. وعدم إرسال حاكم مصري عسكري (عبد الحكيم عامر) إلى سوريا تحدياً للكبرياء السوري، والاكتفاء بإجراء انتخابات سورية داخلية، لاختيار حاكم لـ "القطر السوري" آنذاك، يرضى عنه الشعب السوري. هل صدق الدُب خروشوف؟ كان على خروشوف أن يردَّ بكلمة ناعمة على خطاب عبد الناصر عن الوحدة العربية الرومانسية. ولكن الدبَّ الروسي أبى إلا أن يُلقي بحجارة كلامه (كما هي عادته في مناسبات كثيرة، ومنها وضع فردة حذائه على منصة الأمم المتحدة، أثناء إلقاء خطابه هناك عام 1960، والضرب بها على المنصة). فقد قال خروشوف رداً على الوحدة القومية التي نادى بها عبد الناصر في خطابه في هذا الاحتفال، ومعارضاً لها: "إن الوحدة هي وحدة الطبقة العاملة، وليست الوحدة القومية. فليست الوحدة لدينا برباط قومي فقط، ولكنها وحدة قوى الشعب العامل. ولا يمكن للدول الفقيرة الوصول إلى اتفاق وحدة مع الدول الغنية بالبترول. فأكل أكياس من الملح أسهل من الوصول إلى الاتفاق معهم، وإن كانوا عرباً مثلكم ومسلمين مثلكم." (جريدة "الأهرام"، 17/5/1964)". هل كانت دعوة الوحدة عبثية؟ فهل كان من العبث إذن، أن تقوم الأحزاب القومية العربية والمفكرون القوميون العرب، بالتنظير والبحث والكتابة والخطابة والتبشير والسعي لقيام الوحدة العربية؟ وهل ضيَّع كل هؤلاء وقتاً ثميناً في النفخ في قربة مقطوعة كما يقال، أو الصراخ في الوادي والنفخ في الرماد؟ شرط الديمقراطية قبل الوحدة أصرّ بعض المفكرين، على تحقيق الديمقراطية أولاً، قبل تحقيق الوحدة، لكي تتم مناقشة المشاريع الوحدوية في جو تام من الحرية والديمقراطية تحاشياً للأخطاء، ولا يقدِّمون الوحدة على الديمقراطية، كما سبق وقدَّم عبد الناصر الوحدة والاشتراكية على الحرية، واعتبر الديمقراطية آخر مراحل التقدم السياسي والاجتماعي. ويعتبر هؤلاء أن الوحدة هي المدخل لتصحيح مفهوم الديمقراطية القائم في البلاد العربية. وهذا مؤيد تماماً لرأي الشعب العربي في عام 1980 الذي تبيَّن منه أن نسبة 78 % تريد بشدة تحقيق الوحدة على أساس الاختيار الديمقراطي. ولعل غياب أساس الاختيار الديمقراطي هو الخطأ الأكبر الذي وقع فيه جميع أصحاب المشاريع الوحدوية الفاشلة في العالم العربي خلال هذا المرحلة. ولكن ثبُتت صحة هذا الكلام من خلال ما سبق وما لحق من تجارب وحدوية. فالوحدة المصرية – السورية 1958، لم تستطع أن تكون المدخل لتصحيح مفهوم الديمقراطية في مصر ، ولا في سوريا. كما أن مشاريـع الوحدة التي أعقبت ذلك بين سوريا والعراق بدءاً من عام 1963، لم تستطع أيضاً تصحيح المفهوم الديمقراطي في كلا البلدين. فكل اتحاد لا يتوفر له محتوى ديمقراطي تقدمي، لن يُكتب له النجاح والبقاء. وأن كل خطوة وحدوية لا تنبعث من الإيمان القومي، ولا تنبع من عقيدة الوحدة وإستراتيجيتها مصيرها التعثر والانتكاس. وأن الفهم العميق لعقيدة الوحدة وإستراتيجيتها، والرؤية الواضحة لأسسها ومقوماتها، من العوامل الأساسية في نجاح أية خطوة وحدوية. وكل اتحاد مرتبط بأهداف سياسية طارئة وبأغراض داخليـة قطرية، ولا تتجه القيادة فيه نحو تحرير فلسطين والأرض المحتلـة، يصاب بالعطل والشلل. لماذا قفزنا من الوحدة التدرجيّة الى الفورية؟ من المعروف أن عبد الناصر كان قبل عام 1963 من القائلين بـ "الوحدة الفورية" لا "الوحدة التدرجيّة". ربما لأن "الوحدة التدرجيّة" تستدعي استفتاءات شعبية كثيرة ومتعددة على كل خطوة وحدوية، ودراسات من عدة مؤسسات دستورية وسياسية مختلفة. وهو ما كان يضيق به عبد الناصر. كما لم تكن لديه الكوادر المؤهلة للقيام بهذه العملية. وينفي بعض المفكرين العرب من أن عبد الناصر عندما قبل بالوحدة المصرية - السورية الاندماجية الفورية 1958 ، لم يكن أمامه إلا خيار الوحدة الاندماجية. وقد كان خيار الاتحاد الفيدرالي مطروحاً أيامها، ولكن عبد الناصر لم يُجرِ مناقشات جـادة بشأن الاتحاد الفيدرالي مع مؤسسات صُنع القر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram