كوبنهاغن / رعد العراقي ما يزال اللاعب العراقي بعيداً عن ثقافة الاختيار الصحيح لوجهته الاحترافية وفق معادلة الأنسب له فنيا ونفسيا فدخل الكثير منهم في دوامة العشوائية والتخبط ومنها الى بوابة المشاكل القانونية التي دائما ما يكون حسمها في غير صالحه.
ولكي نكون منصفين اكثر لابد لنا ان نشخّص الاسباب بموضوعية ونحمّل اطرافاً اخرى مسؤولية ما يجري من نزيف، لم ولن يتوقف في سمعة ومستوى اللاعب العراقي خارجيا ، بل ويتجاوز الى حدود الاستهانة به والتلاعب بمصيره كيفما شاءت الفرق الاخرى تحت ذريعة ضعف خبرته التعاقدية وعدم وجود جهة ساندة له تنقذه من مخالب (مافيا) الاستغلال التي وجدت في الساحة الكروية العراقية كنوزاً تستحوذ عليها باسعار زهيدة تكون رهينة تحت مخالبها التي لا تترك الفريسة حتى تأخذ اضعاف ما منحته من اموال! قبل فترة كان هناك الكثير من الحالات التي حصلت مع لاعبين كانوا يمنون النفس في ايجاد فرصة احترافية تضعهم على اعتاب الشهرة وجني الاموال الا انها اصطدمت بواقع مرير اجبرها الى العودة بخفي حنين ، بل هناك من دفع تعويضات مادية كلفته الكثير وعادت به الى نقطة الصفر فراح يبحث عن منقذ له يؤمن ولو جزءاً يسيراً من خسارته في مغامرة الاحتراف غير المدروسة. وفي حينها فسر البعض ماجرى على انه نتيجة طبيعية لقلة خبرة بعض اللاعبين في التعامل مع العقود واندفاعهم غير المحسوب كونهم امسكوا بفرصة العرض ومغرياته ليس المادية بل التفاخرية باللعب خارج العراق من دون ان يعوا حقيقة ان كرة القدم اصبحت تجارة لا تعرف غير الربح واستغلال مجهود اللاعب وربما تجريده من كل مايملك متى ما وجدته ضعيفا ولا يوجد من يطالب بحقوقه القانونية. اما اليوم فقد سقط هذا الاعتقاد بعد أن دخل في تلك الفخاخ لاعبون لهم تجارب احترافية اثبتوا انهم لم يستفيدوا منها في اغناء فكرهم والوقوف على اصول التعامل مع العقود سواء بدراستها من الناحية القانونية ام المادية وكذلك الحرص على الاستزادة من الناحية الفنية ، بل والذهاب ابعد في البحث عن ملاءمة الاجواء النفسية والاجتماعية لهم في ذلك البلد فلاعبون مثل كرار جاسم وهوار الملا محمد باتا اليوم عرضة لمشاكل قانونية مع نوادييهما بعد أن تم تقصيرهما من لجان الانضباط المسؤولة واستقطعوا جزءا من مبالغ العقود وربما ستتطور الى ابعد من ذلك وبعيدا عن الاسباب فان الخلل في كل الاحوال يكمن في الاختيارغير الدقيق للاعب بعد ان تناسى دراسة كل الظروف التي تمكنه من الاستمرار مع ناديه سواء بظهور عوامل اجبرته على الابتعاد عن النادي أم نسيانه لشروط وضوابط الاحتراف وما يترتب عليه من التزامات قانونية في حالة مخالفته لفقرات العقد المبرم، من هنا فان الحالة اصبحت عامة وترتبط بثقافة اللاعب وادراكه وحرصه على ان تكون خطواته دقيقة وصحيحة ولا تطيح به في دهاليز التخبط والقضاء على مستقبله الكروي. نقول: ان تأثير ما يجري بات لا يرتبط باللاعب فقط بل تعداه الى سمعة اللاعب العراقي ومكانته اضافة الى اضعاف الجانب المهاري والفني نتيجة ابتعاده فكريا وعمليا عن ممارسة اللعبة وانشغاله بالخلافات وهو ما سيلقي بالتأكيد على جاهزيته الفنية عند استدعائه للمنتخبات الوطنية، لذالك اصبح من الضروري على الجهات المعنية في الاتحاد الكروي ان تاخذ المسألة باهتمام اكبر ورؤية ابعد من خلال التدخل بصفة استشارية وتوجيهية عبر تشكيل لجنة تأخذ على عاتقها دراسة جميع العقود وإبداء المشورة للاعبين وايضاح نقاط الخلل فيها وما يترتب عليه من اجراءات اضافة الى تزويده بكل ما يعزز قناعته في قبول او رفض العقد بعد ان ترتقي بفكره الى حيث الغور في عالم وخبايا الاحتراف وتجنب اللاعب العراقي ومن خلفه المنتخبات الوطنية خسارة الطاقات الفنية التي اصبحت عرضة لسرقة (المافيا) التي لن تكتفي بتجريده من جهوده المهارية، بل تتعداه الى حيث كل مدخراته المالية!.
(مافيا) العقود رهنت كنوز الكرة العراقية بأسعار زهيدة!
نشر في: 22 ديسمبر, 2009: 03:36 م