rnrnعبدالله السكوتيrnrn rnيحكى انه بعد ان اعتلى السلطان محمود الثاني عشر السلطنة العثمانية اخذ يمتحن رجال دولته وكان من بينهم وزير كثير التلون يؤيد اقوال السلطان فلا يقدم له نصيحة ولا ينبهه الى امر او خطأ فاذا كانت الشمس ساطعة في كبد السماء وقال السلطان ان الدنيا معتمة قال له الوزير: قولك صحيح ولا بد من ايقاد الشموع وظل يجاريه في كل ما يقول. وكان السلطان يعرف في وزيره هذه العادة الا انه لم يتعرف عليه، الى ان كان ذات يوم ، وجاء الوزير الى مجلس السلطان فقال له: انني اشعر بثقل في معدتي وانقباض في نفسي! فقال: وما هو السبب؟ فقال له: اكلت اليوم باذنجان واتصور ان ما حدث لي ناتج عن تناولي له. فاندفع الوزير يعدد كل معايب الباذنجان ويهاجمه هجوما شديداً قائلاً:انه العن الخضرة ، وأثقل مأكول، وشكله اسود تمجّه النفوس، وليس في تناوله اي نفع، وبعد ايام قال له السلطان : اليوم أكلت طعاماً لا يعادله طعام ، فقال الوزير:ما هو؟
فقال له : أكلت باذنجان، ابتسم الوزير واندفع يختلق المحاسن للباذنجان، هو احسن المأكولات خفيف على المعدة ، مغذٍ وكله منافع. هنا لم يتمالك السلطان نفسه فقال:(قصتك عجيبة ايها الوزير) فردّ عليه الوزير:وكيف يا مولاي؟ قال: بالأمس لعنت الباذنجان، ولم تجد عيبا الا الصقته به، واليوم تنعته بأحسن النعوت فأيهما صحيح؟ فقال الوزير:(مولاي انه خادمك مو خادم البيتنجان). لا ادري لماذا احالتني هذه القصة الى الاعلام والاعلاميين الذين يصورون الاشياء بغير صورتها حيناً وحينا آخر يحاولون قول الحقيقة الا انهم يجانبوها الى اختها ، لقد ولى الاعلام الحكومي الموجه الذي اتعب الناس زمناً طويلا وذمّ الباذنجان ومدحه لعيون السلطان ، اما الآن فهناك الفضائيات والصحف المتعددة التي تتكلم باسم اصحابها وهي لا تفتأ تطبل لهم وتزمّر، وتتورط حين ترى الصفحة الاولى لأية صحيفة حيث ترى مؤسسها على موضوعها الرئيسي سواء بالكلامات او بالتوجه ، يخاطب الشعب دعايةً لنفسه او كي يثبت شيئاً هو مؤمن به اي ان الصحف اليوم تحمل وجهة نظر مموليها لا غير ، ولذا نرى ارباكاً اعلاميا كبيراً اما قانون المطبوعات فلم يظهر للوجود حتى الآن ، فقط يحاولون ان ينظموا عمل الفضائيات بحصولها على اجازة بث ، اما الصحف فهي غائبة ولا وجود للتقنين او التنظيم ناهيك عن سرقة المواضيع والعناوين فالموضوع الذي في صحيفة كذا تراه مكررا يوما آخر في صحيفة اخرى ، اعتداء على حقوق الاخرين بلا استئذان وسرقات واضحة ومصادرة لحقوق الكتاب بالاضافة الى التوجهات التي لا تخلو من اجندات خارجية تصب في مصلحة الدول الممولة لهذه الصحيفة او تلك. لقد عمل الاعلام في العراق عملا عكسيا حتى نفرت نفوس القراء فلا ترى مقتني الصحف الذين يجاهدون للحصول على الصحيفة لثقتهم بها وبأخبارها وبخطها الذي لا يخرج عن قول الحقيقة ونقلها ، سألني سائق السيارة الذي اوصلني الى البيت في وقت متأخر: أتأخذ راتباً؟ قلت: نعم قال من اين ؟لا ارى احداً يشتري جريدة ، قلت له : ليس الأمر مثل ما ترى فالصحف تختلف بحسب الممول والكتّاب والموضوعات، اقنعت الرجل بقراءة صحيفة لأول مرة وأعرته صحيفتي الوحيدة. أهذا ما جاء به الاعلام الحر ام هذه نتيجة لعدم التقنين والانضباط في رؤية الاشياء حتى اصبح الصحفي عبداً لمموّل الجريدة ينقل وجهة نظره ويناغي افكاره لارضائه او التزلف والقربى اليه؟.
(انه خادمك مو خادم البيتنجان)
نشر في: 22 ديسمبر, 2009: 07:38 م