TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > منهج التربية الثورية عند الإمام الحسين (ع)

منهج التربية الثورية عند الإمام الحسين (ع)

نشر في: 28 ديسمبر, 2009: 03:27 م

د.طه الديواني ( التربية الثورية إنما ينهض بها القادة التاريخيون الذين يهدفون الى تحرير الإنسان من أسار وضع اجتماعي فاسد,ولبناء مجتمع صالح على أنقاضه.وعندما يصبح مثل هذا الهدف هو الهاجس الوحيد للقائد التاريخي,عندها يبدأ عملية التعبئة الفكرية والروحية بهذا الاتجاه.
 وتلتحق به النخبة المختارة التي ترتضي هذا الهدف محوراً لحركتها وهمومها ومواقفها.) الاسلام العظيم بصفته الدين السماوي الخالد,الذي اختاره الله تعالى للبشرية جمعاء يهدف الى أخراج الناس من عبودية العباد والطواغيت الى عبودية الله وحده,قال تعالى :"يريدون أن يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به....".وهذا بدوره سيؤدي الى اخراج الناس من الظلمات الى النور ومن الفساد والانحلال والفوضى الى الخير والأمن والإزدهار.وقد أوكل هذا الهدف العظيم الى أنبياء الله المرسلين والى خاتم الأنبياء والى أوصيائه النجباء,قال تعالى:"هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات الى النور..". ومن هنا,فعندما ينحرف الحكام عن الاسلام العظيم,ويبغونها عوجاً,ويتحولون الى طواغيت,يهلكون الحرث والنسل ويعشون في البلاد والعباد فساداً,كما حصل عندما استولى الامويون على السلطة.وأخذوا يمارسون أنواع الظلم والجور,ويرتكبون أنواع المحرمات والمنكرات ويعملون في عباد الله بالإثم والعدوان,ويخالفون سنة رسول الله.ويستأثرون بالفيء من دون المسلمين. لابد حينئذ للقائد التاريخي أن يتصدى بكل جرأة وشجاعة لهذا الإنحراف والعمل لارجاع الأمور الى نصابها,وإلا فإن أمر الامة المسلمة سينتهي الى الإنهيار والإنحلال وضياع القيم التي أرساها الرسول الأعظم (ص).وهذا حال لايمكن السكوت عليه.وهكذا كان وعي القائد التاريخي,الإمام القائد الحسين بن علي (ع).وكان يصرح بهذا مراراً,ولذلك اتجه الامام القائد (ع) الى اعداد النخبة المؤمنة,وتهيئتها,وتربيتها للقيام بالدور التاريخي المطلوب,دون الاقلال من أهمية وضرورة احداث وعي متزايد لدى جماهير الامة المسلمة لتتحمل مسؤوليتها الشرعية أيضاً. ومن هنا نجد أن الامام الحسين (ع) قد اختار أنصاره,واختار لهم الدور العظيم والخطير,ووفقوا هم لأداء هذه المسؤولية الكبرى. وهنا يثور سؤال: ما هو منهج الإمام الحسين (ع) في التربية الجهادية الثورية,وكيف جعل الأنصار والأصحاب ينهضون لأداء دورهم بكل اخلاص وحماس؟! للإجابة عن هذا السؤال,لابد أن نحدد أولاً أهم عناصر المنهج الثوري عند الامام الحسين (ع) لنرى بعد ذلك كيف نهض الامام القائد به,وكيف ربى أنصاره وسيرهم عليه. يمكننا أن نحدد أهم العناصر الأساسية لهذا المنهج بالآتي: 1- الوعي والتبصير ووضوح الهدف. 2- الإيمان المطلق بالقيادة والوفاء لها. 3- الإستعداد العالي للتضحية. 4- الانضباط التام. هذه من وجهة نظرنا أهم عناصر المنهج الثوري عند الامام الحسين (ع),فلنتبين كيف كان (ع) يعد أصحابه ويربيهم وفق هذا البرنامج (المنهج). أولاً:الوعي والتبصير ووضوح الهدف إن الوعي والبصيرة التي يجب أن يتحلى بها الانسان,أمر ضروري جداً لأي عمل أو دور,يريد أن يؤديه ,فلايمكن للانسان السير في الطريق الى الهدف بدون تلكؤ أو تعثر,مالم يكن على بينة من أمره ووضوح في هدفه.واستناداً اليه,فقد وجدنا الإمام الحسين (ع) يحدد الهدف بوضوح,ويرسم للمجاهدين الطريق,ويتبين معالمه بوضوح أيضاً,قال الامام (ع): "أيها الناس,إني سمعت جدي رسول الله (ص) يقول:من رأى منكم سلطاناً جائراً,مستحلاً لحرام الله,ناكثاً لعهد الله,مخالفاً لسنة رسول الله,يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان,فلم يغير عليه بفعل ولاقول,كان حقاً على الله أن يدخله مدخله".ثم قال مشيراً الى السلطة الأموية الغاشمة:"الا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان,واستحلوا حرام الله واستأثروا بالفيء". وهكذا حدد الإمام القائد الهدف,الذي يتمثل بضرورة إزالة مثل هذا الحكم المتسلط الجائر,واجتثاث الفساد,فيزيد – الحاكم الأموي – فاسق فاجر شارب للخمر ومعلن بالفسق. وفي ضوء هذا,نرى انه لم يكن أمام الأصحاب والأنصار إلا الإطاحة به وتخليص البلاد والعباد منه.ثم إن الإمام القائد (ع) مع تحديده لهذا الهدف المباشر من حركته وثورته,إلا أنه يضع أنصاره وتابعيه,أمام مسؤولية أعظم,ويبصرهم بأنه,مع أهمية هذا الهدف,إلا أنه لاينبغي أن يكون هذا هو هاجسهم الأكبر,بل يجب أن تكون الاطاحة بالنظام المتسلط,تمهيداً لإقامة حكم الله بتحكيم شريعته,أي الاسلام العظيم,ولذلك صرح الامام الحسين (ع) قائلاً :"إني لم أخرج أشراً ولابطراً ولامفسداً,وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (ص) أريد أن آمر بالمعروف,وأنهى عن المنكر,وأسير بسيرة جدي وأبي...". فالمطلوب تحديداً – هو الاصلاح الجذري وتحويل مسار الامة الى الاتجاه الصحيح,أي الى اتباع سيرة النبي (ص).ويتضح لدينا من هذين الخطابين,أن الامام (ع) في صدد تبصير النخبة المؤمنة وكذلك الجماهير,بالخروقات والتجاوزات التي ترتكبها السلطات الأموية الحاكمة ضد الاسلام وسيرة وسنة الرسول الأعظم.مما يضع الانسان المسلم,وجهاً لوجه أمام اختبار واحد لاغير,وهو أن يشهر السلاح

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram