من المؤكد أن التطور والتقدم التكنولوجي يُعد شيئاً إيجابياً، إلا أن الكثيرين من مقتني أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الترفيه الإلكترونية يعتبرونه بمثابة آفة العصر الرقمي الذي طغى على كل مناحي الحياة، فبمجرد شراء جهاز كمبيوتر جديد أو كاميرا رقمية أو حتى لعبة تقنية أنيقة فإنها تصبح قديمة نسبياً، بسبب قيام الشركات المنتجة بطرح جيل جديد من هذه الأجهزة أسرع وأكثر كفاءة وفعالية
تنطبق معضلة التطور والتقدم التكنولوجي على أجهزة الملاحة الجوالة، فحتى عند محاولة الشركات عن طريق بعض حيل التحديثات إطالة أمد صلاحية أجهزة الملاحة، لن يبقى أمام سائقي السيارات سوى خيار واحد، ألا وهو التخلص من الجهاز القديم واقتناء جهاز جديد.ويؤكد رولاند شتيله من جمعية الأجهزة الإلكترونية للاتصالات والترفيه في مدينة نورنبرغ جنوبي ألمانيا،أن دورات الابتكارات الحديثة أصبحت أقصر عمراً. وبالإضافة إلى ذلك لم تُعد الأجهزة تُطرح في الأسواق لفترة طويلة، وأكد منظمو معرض برلين الدولي للإلكترونيات أنه عندما يتم طرح جهاز جديد في الأسواق فإن الأمر يستغرق أقل من عام حتى يتم طرح الجيل التالي منه، وذلك بخلاف ما كان عليه الحال فيما مضى، حيث كانت الأجهزة تظل معروضة في الأسواق لسنوات طويلة. ولا يختلف الأمر إطلاقاً مع أنظمة الملاحة الجوالة، ليس فقط بسبب التقدم العلمي المذهل، وإنما أيضاً بسبب أن هذه الأنظمة باتت من مجالات الأعمال التي لها قاعدة عريضة من العملاء. لذا فلا عجب في أن تسعى الشركات المنتجة لهذه الأنظمة إلى كسب نقاط لدى العملاء من خلال طرحها للابتكارات الحديثة على فترات زمنية متقاربة. غير أن هذا الأمر من وجهة نظر هذه الشركات لا ينطوي دائماً على مزايا، حيث يقول شتيفان غرابماير، مدير مشروع اختبار أجهزة الملاحة بنادي السيارات الألماني (ADAC) بمدينة ميونيخ جنوبي ألمانيا: "نحن نشكو كثيراً من أن الأجهزة أصبحت أكثر عرضةً للتخلص منها بسرعة". ويلفت غرابماير إلى إنه بعد مرور عام على أقصى تقدير لا يمكن استخدام الخرائط دون مشاكل، وفي هذه الحالة يكون من المستحسن الحصول على تحديثات للجهاز. وتقدم بعض الشركات مثل هذه التحديثات، غير أن البعض الآخر يقدمها كباقة عند شراء الجهاز الجديد، كما أن هناك بعض الشركات تقدم هذه التحديثات في وقت لاحق مقابل تكاليف إضافية. ويرى شتيفان غرابماير أن المشكلة تكمن في أن الجهاز الجديد مع برنامج ملاحة حديث ومزود بأحدث الخرائط يكون في الغالب أرخص من تكاليف تحديث الجهاز القديم. ويضيف غرابماير بأن الأمر يكون مزعجاً حقاً عندما تقوم الشركة المنتجة لجهاز الملاحة بإيقاف عملية دعم الجهاز بعد فترة قصيرة من طرحه في الأسواق.ويوضح ميشيل هوفمان من شركة Navigon لأجهزة الملاحة الجوالة بمدينة هامبورغ شمالي ألمانيا، أن عمر دورة المنتج يرتبط أيضاً بنوع الجهاز. فالأجهزة الأكثر مبيعاً في فئة الأسعار المتوسطة يتم طرح الجيل التالي منها بعد عام ونصف، أما الأجهزة الأغلى ثمناً فتظل فترة أطول معروضة في الأسواق.وتبعاً لنوع الجهاز تقوم الشركات بتقديم إمكانيات مختلفة للتحديثات، ويقول هوفمان:"إنه في شركة Navigon على سبيل المثال يتم تحديث الموديلات باهظة التكاليف مجاناً مع بيانات الخرائط أو إضافة خصائص الملاحة الجديدة، حيث تتوافر بيانات خرائط جديدة كل ثلاثة أشهر، أما مع الموديلات منخفضة الأسعار فإن التحديثات تكون مقابل تكلفة خاصة، ومع الموديلات التي تنتمي إلى الفئة المتوسطة في الأسعار فإنها تطرح بأسعار مع نسبة خصم". وأكد هوفمان أنه دائماً ما يتم تحديث برمجيات الملاحة دون أي مقابل، وهذا ما يمكن مقارنته بالتحديثات المجانية لأنظمة تشغيل أجهزة الكمبيوتر.ويؤكد هوفمان أن المكونات والوحدات الصلبة بأجهزة الملاحة الحالية عادة ما تكون مصممة بحيث يمكن تشغيل الإصدارات اللاحقة من البرنامج بسلاسة ودون أية مشكلات، وهذا ما أكده أيضاً شتيفان غرابماير، حين أوضح أن المكونات والوحدات الصلبة تكفي الأغراض الملاحية الخالصة، إلا أن المشكلات قد تظهر نتيجة الوظائف الإضافية المُعقدة مثل العرض ثلاثي الأبعاد بمظهر الصور الواقعية، وذلك عندما يكون الجهاز غير مزود برقائق عالية الأداء ضمن تجهيزاته الأساسية.