TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام اليوم: المدينة الإعلامية..مرة أخرى!

كلام اليوم: المدينة الإعلامية..مرة أخرى!

نشر في: 28 ديسمبر, 2009: 09:26 م

المدىفي احتفاء ادعائي، اعلن رئيس مجلس محافظة بغداد عن ارساء المدينة الإعلامية ،على إحدى الشركات وبسط امام الملأ الخرائط التي سيتم بموجبها بناء المدينة المنتظرة. وفي اعلانه لم يتحرج السيد رئيس مجلس المحافظة، الذي نكن له الاحترام ،
عن التعامل مع هذا المشروع الحيوي والخطير، كما لو انه ببساطة،مجرد مشروع اعماري يشبه سواه من مشاريع الطرق والجسور والحفريات، وهو بذلك يحتاج الى مستثمر وخرائط! ويبدو ان الدولة المغفلة، بحكم غياب الرقابة المؤسساتية المستقلة، وتحول الفساد الاداري الى ظاهرة حياتية يومية، تغري باستغفال المواطنين وتحييد وعيهم، بحيث يصبح من السهل امرار قضايا خطيرة تمس اركان بناء الدولة ومستقبل البلاد،مرور الكرام. فالمحافظة، وهي تعلن عن اختيارشركة ،لم يعرف لها نشاط ملموس أولاصحابها، في الحياة الإعلامية أو الثقافية في العراق الجديد، لم تأخذ بالاعتبار، وهي محسوبة على قائمة دولة القانون، ان امانة بغداد المعنية هي الاخرى بهذا المشروع كانت قد أعلنت قبل فترة عن فتح باب التقدم للجهات التي ترى في نفسها الأهلية لاقامة المدينة الإعلامية، وهو اجراء يعبر عن المسؤولية والشفافية ومراعاة القانون. ومن المؤسف أن يمرر مثل هذا المشروع على الهيئة العليا للاستثمارايضا،من دون ان تتوقف عند ما يميزه،سواء في موضوعه أو مضامينه أو الجهات المعنية بتسييره. ويبدو أنها هي الاخرى، لم ترمهما أن تتكلف باستطلاع آراء وتقييمات اعلاميين ومؤسسات اعلامية ولو من باب رفع العتب!. وهي لم تأخذ بنظر الاعتبار أيضاً، أو هكذا قد يبدو من الوقائع التي آلت اليها الامور، ان توصيف المدينة الإعلامية ومفرداتها، ليس مما ينطبق على المشاريع التنموية الاخرى.ان أولوياتها لا تتمثل في الفنادق والمطاعم والمرافق الترفيهية والاستهلاكية ، بل في المرافق الحيوية، الإعلامية والثقافية والفنية، وفي ضمان توظيفها للارتقاء بوسائل الاعلام والثقافة والفنون في البلاد، وتفعيلها لتعميق العملية الديمقراطية وتأصيلها، وحمايتها من أي جهة مستثمرة، لا ترى فيها سوى موضوع للاستثمارالربحي المريح والمضمون والسريع. ان إلقاء نظرة متمعنة على المدينة الإعلامية في القاهرة، وهي من المدن الكبرى في هذا الميدان، تكفي للدلالة على طبيعة هذا الصرح الحيوي وكيفية التعامل معه. ولولا الهواجس التي توحي بها الاوضاع الراهنة، وكيفية التعامل مع الاعلام والثقافة ووسائلها، لقلنا ان الدولة هي الجهة المعنية بإنشاء هذه المدينة ورعايتها. وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى ضرورة استثناء هذا المرفق الخطير من أي استثمارأجنبي أو حتى المشاركة فيه،وحمايته. ومثل هذه الضمانة والحماية،تتطلب كشف القدرة الاستثمارية للمتقدمين لبناء المدينة والمصادر المالية لهم والمتعاملين معهم من الباطن. بقي أن ننتظر كيف ستتعامل دولة القانون، برغم هذا التجاوز- ربما غير المقصود - للشفافية المنتظرة، مع المدينة الإعلامية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram