عباس الغالبي لم يتبق من العام الحالي سوى يومين فقط بإصدار هذا العدد من ملحقنا الاقتصادي، لنكون بذلك قد أسدلنا الستار على الأنشطة والأحداث الاقتصادية على المستوى المحلي والعربي والعالمي. وفي نظرة استرجاع للحدث المحلي الاقتصادي لم تبرز أمامنا أحداث وتطورات ونقلات نوعية تستحق التوقف والنظر باستثناء محاولات وصفها الخبراء انها متأخرة نوعا ما،
وإذا وضعنا هذه الأحداث تحت خانة المحطات الاقتصادية فأننا نرى ان جولتي التراخيص الأولى والثانية وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرضت لها من أوساط برلمانية وسياسية وحتى اقتصادية تمثل الحدث الاقتصادي الأبرز محليا انطلاقا من كونها تسعى بحسب وزارة النفط الى زيادة الإنتاج والتصدير وجعله اكثر من 11 مليون برميل يوميا على مدى الست سنين المقبلة، فضلا عن ان العقود المبرمة ضمن هاتين الجولتين تتضمن إدخال التقنية الحديثة في مجال الإنتاج النفطي العالمي. اما المحطة الثانية التي نرى انها تندرج في إطار السعي لتفعيل وتنشيط حركة الاستثمار في العراق تلك هي المؤتمرات الاستثمارية التي عقدت داخل وخارج العراق ولاسيما في واشنطن ولندن وبرلين وباريس، حيث جعلت العراق يطل على نافذة الاستثمار الكبير املا بدخول الشركات العالمية سوق العمل العراقية . وماعدا هاتين المحطتين تندرج الفعاليات والأنشطة الاقتصادية الأخرى في إطار الواجب الفعلي والالتزام الطبيعي للمؤسسات الحكومية التي لم ترتق الى مستوى الانجاز المبدع الذي يتجاوز الالتزام الحقيقي في ظل غياب البرنامج الاقتصادي الحكومي على مدى الأربع سنين الماضية من عمرها . وفي الوقت الذي لازال الاقتصاد الوطني يعاني من اختلالاته الهيكلية ومن استشراء بعض الظواهر التي تلازمه منذ عام 2003، فانه بحاجة الى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي تحتاج الى إمكانات فنية ومادية وسقف زمني ليس بالقليل، وكذلك فان الأمور تتجه الى إجراءات حكومية عاجلة وأخرى متوسطة المدى سعيا لأحداث دورة اقتصادية تتحرك فيها عجلة الإنتاج وتتفاعل فيها القطاعات الأخرى الرديفة للقطاعات الإنتاجية في ظل تحريك لمنظومة القطاع الخاص الذي يعاني من سبات وركود كبيرين، مع ضرورة الالتفات الى تجارب الاخرين من البلدان النامية التي خرجت من سطوة الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق، وعملت في فترة قياسية الى اعتماد طريقة التحول التدريجي الحذر الذي يعطي أهمية للاختلالات والتغيرات الطارئة والمفاجئة التي قد تعتري عملية التحول الى آليات اقتصاد السوق. عام 2009 انتهى، ولم تسجل بوصلة الاقتصاد تغييرا وتطورا نوعيا، فقد يذهب البعض الى سطوة وتأثير القرار السياسي والتداعيات السياسية على المشهد الاقتصادي، ولازال اقتصادنا ريعيا احادي الجانب يعاني من انتشار بعض الظواهر القديمة- الحديثة كالبطالة والتضخم على الرغم من تناقصه، فيما سجلت الإحصائيات الحكومية ارتفاعا في مستوى خط الفقر، ويعترف الجميع باستشراء حالتي الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الحكومية، وضعف الخدمات وارتفاع في الأسعار ولاسيما المواد الغذائية، وتراجع في الإنتاج الزراعي المحلي.
محطات اقتصادية
نشر في: 29 ديسمبر, 2009: 03:19 م