TOP

جريدة المدى > مواقف > الجيش الأميركي في العراق يأمل انقاذ جدران مقدّسة

الجيش الأميركي في العراق يأمل انقاذ جدران مقدّسة

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 02:41 م

ترجمة: علاء خالد غزالة حينما حطت الفرقة العاشرة المحمولة جوا رحالها في هذه القاعدة عام 2003 قامت دبابة أميركية بقصف برج دبابة اخرى من نوع تي 72، وألقت بها إلى جانب دير القديس إيليا، ثم احتمت هذه القوات العسكرية خلف حائط مبني بالحجر والطين، والذي وقف صامدا على مدى أكثر من الف سنة هنا كأحد الملاجئ المسيحية الأولى. تلك هي احدى مآسي الحرب.
 بعد ذلك قامت الفرقة بتحويل المكان إلى حامية عسكرية ورسمت شعارها على التغليف الجبسي الذي يعلو الباب المنخفض لكنيسة الدير، وظلت تلك العلامة هناك حتى راودت أحد القساوسة شكوك بقصة النسور التي تصرخ في الدير، يقول القسيس، وهو يروي القصة: «هذا ليس أمرا صائبا». وهكذا بدأت الوصاية الأميركية العرضية لدير القديس إيليا، ذلك الموقع المسيحي القديم للعبادة والشهادة الواقع في وسط تلك القاعدة العسكرية الهائلة جنوبي الموصل، في شمال العراق، والآن يأمل الاميركيون في إعادة دير القديس إيليا إلى سابق عهده، وذلك في مبادرة للحفاظ على الموقع، وربما للتكفير عما ارتكبوه بحقه. وقد قام المهندسون العسكريون بوضع خطط لتدعيم سقف وجدران المبنى الرئيس، والذي يعتقد أنه بني في القرن الحادي عشر، قبل أن تغادر القوات الأميركية الدير وتتركه إلى مصير غير معروف. يقول السرجنت هوارد ميلر، مشيرا إلى العمل الذي لم يكتمل رغم الموارد الهائلة التي رصدها له الجيش الأميركي، مع دنو اجل الانسحاب: «تمر اوقات نقترب فيها من أتمام العمل، لكنه لا ينجز. إنني أرغب حقا في ان ارى ذلك الانجاز». يعمل السرجنت ميلر ممرضا، وهو نائب ضابط اقدم في المستشفى الميداني في قاعدة ماريز. بيد انها قد تكون مجرد مصادفة، اوربما قدرا مقدّرا، ان يكون ايضا استاذا في البناء بالحجر ومتمرسا في الحفاظ على المباني التاريخية في موطنه في الولايات المتحدة. وقد دأب السرجنت ميلر على جمع قطع الحجارة المكسورة من دير القديس إيليا خلال اوقات فراغه. ومن ثم يقوم بتسخين تلك القطع، في حديقة خلف المستشفى، ثم يسحقها في محاولة لإعادة صنع مونة الطين التي استخدمت بنفس الطريقة قبل ألف عام، من اجل اعادة بناء الاجزاء التي لا تزال قائمة حتى اليوم. ويصف هذه العملية بانها «اقدم عملية اعادة تدوير في العالم». ومع كثرة المواقع التاريخية في العراق، فان دير القديس إيليا لا يحوز الا على اقل قيمة اثرية مقارنة بالحضارات السومرية والبابلية والآشورية، وجميعها تعرضت الى اخطار التهالك والسرقة، ولا تبعد آثار النمرود والحضر ونينوى سوى كيلومترات قليلة عن هذا المكان. وكذلك يوجد على مقربة منه ضريحا النبيين يونس المذكور في العهد القديم، وناحوم الذي أنذر في التوراة بدمار نينوى. يقول باتريك مورفي، قائد فريق إعادة البناء الأميركي هنا والذي ينسق عمليات الاعمار، مشيرا إلى اسم المحافظة التي تضم مدينة الموصل: «نينوى هي أشبه بتصفح في التوارة». واصبح دير القديس إيليا موضع اهتمام في السنوات التي تلت الاحتلال الاميركي، ونقطة تحول بالنسبة الى الجنود والمتعاقدين الذين ما كان لهم، بدون ذلك، ان يغادروا القاعدة للتعرف على تاريخ العراق المتشعب. وفي وسط مصاعب العمليات العسكرية الحديثة، اصبح هذا المكان –مرة اخرى– موضعا للعبادة. يقول الميجر جيفري ورتون، القسيس الكاثوليكي الروماني، والذي تولى اقامة قداس في الدير حضره عدد من الجنود بملابسهم العسكرية بينما اتكأت بنادقهم على إحدى الزوايا: «نحن نقف في صف طويل من الناس الذين يهبون الايمان الينا». ولا يعرف الكثير عن تاريخ دير القديس إيليا أو دير مار إليا. ولم تتم دراسة المكان أو التنقيب فيه، بحسب هيأة الآثار والتراث العراقية التي تشرف على جميع المواقع الأثرية في العراق، وكان الحرس الجمهوري العراقي قد استولى على هذا المكان قبل الحرب، واستخدموا احواضه كمراحيض، حسبما يقول الاميركيون. ومن المعروف ان هذه الهيأة سبق ان انتقدت بشدة النشاطات الاميركية في المواقع الاثرية، بضمنها مدينة بابل الاثرية، وهي تقوم الآن بتقييم مقترح ترميم دير القديس إيليا. ويعتقد أن تاريخ الدير يعود إلى أواخر القرن السادس الميلادي، عندما نزح إيليا الراهب الأشوري مما يعرف الان بتركيا، ومن ثم اضحى الدير جزءا من الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، وتقدم جوانب التلال المنحوتة للزراعة هنا دليلا على ان الرهبان عاشوا في هذا المكان، غير ان المنظر المحبب للوادي الذي يضم الدير تشوبه بقايا من الفيلق الخامس الذي كان تابعا لصدام، إضافة الى محرقة النفايات التابعة الى الجيش الاميركي. وفي عام 1743 قام ملك فارسي بغزو المنطقة وامر الرهبان بالتحول الى الإسلام، ولكنهم اختاروا ان يموتوا بدلا من ذلك، وفي مكان مبتلى بالعنف، حيث مايزال المسيحيون مستهدفين، وآخرها التفجيرات التي طالت كنيستين في الموصل هذا الاسبوع، لاعجب ان تتردد اصداء التاريخ في دير القديس إيليا. تلا الميجر جوليان باجيت، القسيس المعمداني، صلواته بعد جولة الجنود والمتعاقدين الاسبوعية في الدير قائلا: «عسى ان اكون ملتزما كما كان هؤلاء الذين عاشوا في هذا المكان، وهلكوا دون دينهم». ويضم ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram