TOP

جريدة المدى > غير مصنف > السياب صحفياً.. صفحات مطوية

السياب صحفياً.. صفحات مطوية

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 04:08 م

رفعة عبد الرزاق محمد كتب الكثير عن بدر شاكر السياب، ولم تفت صغيرة او خافية من سيرته، الا ووضعها دارسوه تحت متناول اقلامهم. ومع هذا فقد بقيت بعض صفحات سيرته مطوية في صدور عارفيه ومعاصريه، فذكرياتهم منجم كبير لمعرفة اسرار السياب الشخصية والادبية التي لم يختلف اثنان على منجزها الابداعي المذهل،
حتى عده الكثيرون رأس مدرسة الشعر العربي الحديث. غير ان الخلاف (وهو من طبيعة الاشياء هنا) تناول الجانب السياسي القلق من سيرته، وان كان هذا يتماهى مع مجتمع ذي طبيعة سياسية قلقة (!). ولعل استجلاء علاقته بالصحافة، ما يزيل بعض الغموض في هذا الجانب، وهذا مانود عرضه في هذه النبذة السريعة. * في صيف عام 1944 انهى بدر شاكر السياب دراسته الثانوية في مدينته البصرة وهو في السابعة عشرة من عمره، وتقدم بطلب الى دار المعلمين العالية ببغداد فقبل فيها فانتقل الى بغداد وسرعان ما اخذ يتعرف على الحياة فيها فانخرط في حلقة صغيرة من الاصدقاء الذين كانوا يقضون وقتهم في المقهى بأحاديث عن الادب والسياسة. وعرفه الادباء ممن كان يلتقي في مقهى الزهاوي او مقهى حسن عجمي، شابا جنوبيا عاشقا للادب والشعر الحديث على وجه الخصوص. وفي مقهى الزهاوي تعرف على ناجي العبيدي صاحب جريدة (الاتحاد)، واخذ ينشر في هذه الجريدة اولى قصائده كما يتذكر الاستاذ محمود العبطة في كتابه عن السياب ثم اخذ ينشر في جريدة (العصور) لصاحبها سليم طه التكريتي، وهي من الصحف القريبة من الحركة اليسارية. وقد نشر فيها قصيدته (في السوق القديم) عام 1948 وقد استوحاها من مشاهداته في سوق الرمادي القديم. وكان بدر قد تخرج في دار المعلمين العالية في تلك السنة وعين مدرسا في ثانوية الرمادي. ولم يلبث في وظيفته هذه أشهرا قليلة حتى استغني عن خدماته بعد ان قضى اياما رهن الاعتقال بتهمة الاعتقال بتهمة الانتماء للحركة الشيوعية. والحقيقة ان هذه الفترة (1949 – 1951) شهدت اوج نشاطه اليساري ثم اضطرابه السياسي كما يذكر كتاب سيرته. ومما له صلة بحديثنا نذكر ان الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري عينه محررا ومترجما في جريدته (الثبات) التي اصدرها اثر اغلاق جريدته الذائعة (الرأي العام). كما اتصل بصحف اخرى يمدها بما يطلب منه ترجمته مثل جريدة (العالم العربي) التي نشر فيها ترجماته لبعض قصائد الشاعر التركي الماركسي ناظم حكمت. * وفي عام 1950 تنادى عدد من السياسيين العراقيين المعارضين الى تأسيس حركة سياسية باسم (الجبهة الشعبية)، وكان لا بد لها من اصدار جريدة تناسب سياستها والاسماء السياسية الكبيرة التي تضمها (طه الهاشمي. الشبيبي. الباجه جي. البصام...)، فاصدرت جريدة بالاسم نفسه للحركة تلك، واضطلع الصحفي القدير عبد القادر البراك بسكرتارية تحريرها (1950 – 1952). وقد حدثني البراك عن ذلك ذاكرا انه تعرف على السياب في مقهى عجمي واعجب بمقدرته الفائقة في الترجمة من الانكليزية، فاخذه الى المرحوم عبد الرزاق الشيخلي احد اركان الجبهة الشعبية وتم تعيينه في الجريدة. وتولى السياب ترجمة المقالات السياسية التي كانت تنشرها مجلتا (الايكونومست) و(النيو ستيتمان اند ينشن) وهما المجلتان اللتان كان مزاحم الباجه جي يجلبهما للجريدة. وقد حظيت ترجمة السياب بالمشرف الفعلي على الجريدة وهو الشيخ محمد رضا الشبيبي. ويجدر ذكره ان تلك المقالات المترجمة كانت تعبر عن المنهج الليبرالي المعتدل وهو غير النهج اليساري الذي كان السياب يترجمه قبل انخراطه في هيئة تحرير (الجبهة الشعبية). * ترك السياب العمل في جريدة (الدفاع) بعد ان حصل على وظيفة في مديرية الاموال المستوردة العامة، لكنه وجد متنفسا لشاعريته في مجلة (الآداب) الصادرة في بيروت، فاخذ ينشر فيها نتاجه الادبي بشكل منتظم، غير ان صلته بها بقيت الى النهاية، وكانت هذه المجلة (يومذاك!) معتدلة في توجهاتها الادبية الحديثة وتنادي بالادب الملتزم، وكانت هذه القضية محور الحديث لدى الحركة الادبية منذ منتصف الخمسينيات كما كان يكتب بعض ما يجده جديرا بالترجمة من الشعر المعاصر في العالم في شتى الصحف والمجلات. وقد جمع السياب قسما من هذه الترجمات ونشرها في سنة 1955 في كتاب (قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث). وفي آواخر عام 1956 وجد السياب عملا مسائيا في جريدة قريبة من السلطة هي جريدة (الشعب) لصاحبها يحيى قاسم، وكانت هذه الجريدة معروفة آنذاك بميولها نحو الغرب فعمل محررا في ملحقها الأسبوعي الذي كان يصدر على هيئة مجلة اضافة الى كونه مترجما فيها. واستمر عمله في (الشعب) الى قيام ثورة تموز 1958. وتتنوع كتابات السياب فهي تتناول نقد القصصيين كعبد الملك نوري ومهدي عيسى الصقر، او تصور شيئا من ذكرياته او اجراء مقابلات صحفية او تتناول مشاهد الحياة اليومية. وكتب حوارات باللهجة العامية تحت عنوان (اسبوعيات ام أرزوقي) وهي مقالات لا تعدو الحديث النقدي الخفيف لبعض مظاهر المجتمع، وكان آخرها صدر قبل ثورة تموز بيومين. * وبعد ثورة 14 تموز 1958 عمل السياب في جريدة (الجمهورية) التي صدرت مؤيدة للنظام الجديد، غير انها كانت قريبة من الشخص الثاني في الثورة عبد السلام عارف. وما ان انتهى عهد هذه الجريدة بعد الانشقاق بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram