اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > بــدر والمـــرأة

بــدر والمـــرأة

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 04:17 م

لميعة عباس عمارة هذه مقدمة لدراسة (بدر والمرأة) ربما اتممتها انا، ومن المؤكد ان سواي سميتها يوما. ان كان بدر يعاني في سنواته الاخيرة من مرض العظام، فقد كان يعاني منذ حداثته من مرض (المرأة). والمرأة المثالية عند بدر هي الأم ، او أمه بالذات ، وتلك بديهة حبذا لو ان الشاعر أمن بها على قدر ، فلم يقارن بين حب امه وحب الحبيبة.
لم تتسع حياة بدر وامه لان يكبر وتكبر ، فلم تبق منها غير صورة الامومة الرمزية تحيط بها هالة مقدسة ، تقابلها عند الشاعر صور الحبيبات المتتابعات، وكلهن خائنات قاسيات لا يحببنه..هكذا يقول بدر في النساء اللواتي اوحين له اجمل اغانيه في (ازهار ذابلة) و(اساطير) وقصائد اخرى منبثة في دواوينه التالية..فهل كان بدر كما يصور نفسه، من الاخلاص والثبات والسذاجة العاطفية؟ وهل كانت المرأة تقابل مشاعره دائما بالاثرة والخيانة؟ عرفت بدرا زميلا عزيزا ، سمعته كثيرا ينشد للحرية في الشارع مترئسا التظاهرات . كان القاؤه رائعا آخاذا يحمل معانيها وفوق معانيها وسمعته وهو ينشد للحب في حدائق الكلية فيتحلق حوله الطلاب في ندوات شعرية تعقد كل يوم ، فتشكل دون وعي منطلقا للحركة الادبية حين لم يعرف الادباء ناديا او رابطة. كانت تفد على الكلية مجموعات من الشعراء والفنانين والصحفيين الهواة، وتزين هذه الحلقات بعض من طالبات الكلية..ولا ادري هو حسن الحظ ام سوء المصادفات ان يكون في تلك الدفعات العدد الوافر من الطالبات الجميلات المترفات . وكان بدر يختار عروس شعره من هذا العطاء الوفير.. ويكتب فيها قصيدة او قصيدتين ، ويهمس باسما لبعض زملائه ليلا في القسم الداخلي ، ويسمعها المعجبون بشعره صباحا فيطربون ويطلع عليهم في اسبوع ثان بقصيدة جديدة لحسناء جديدة..وحين يرهف الطلاب والطالبات اسماعهم لبدر وهو ينشد ، قد تكون بينهم احدى المعنيات وهي تدري او لا تدري ..ان اغلب حسناوات بدر لا يعرفن ان الشاعر يتغزل بهن ، لانه يقوم بالاختيار والغزل وايجاد المبررات للهجر واستبدال نموذج باخر ثم تحطيم هذا النموذج وسحقه كل هذا يقوم به بدر وحده فقد كان رحمه الله شديد الاعتماد على نفسه.عرفت بدر وعرفت حسانه الا الاخيرة (لوك نوران) الاديبة البلجيكية التي اقحمت في طريقه والا فتاته الريفية – حبه الاول- التي تزوجت وبدر طالب، ولو خير لما ترك الدراسة واشتغل فلاحا في القرية الى جوارها..كان في الكلية يحظى باحترام سائر الطالبات وحبهن واهتمامهن وكن معجبات به عاطفات عليه وفيه ما يوجب الاحترام فهو بالاضافة لكونه الشاعر الفذ نظيف الملابس يحترم نفسه فلا يمازح الانادرا ولا يجرح شعور احد الزملاء بنقد، ولا يحدق في وجه فتاة فيجرحها بل يرى وكأنه لا يرى وبتأثر ويبدو هادئا عيناه لا يثقلهما شعور وهو حزمة مشاعر يتواصى به الطلاب حذرا من ايلامه .. وهو يقابل هذه الحفاوة بالشك ويعلل كل هذا الاهتمام بانه حب للشعر لا للشاعر، كانما الشاعر منفصل عن شعره فهو يحسد دائما وليس في قصيدة (ديوان شعري) فقط التي يقول فيها مخاطبا شعره:قد بت من حسد اقول له     يا ليت من تهواك تهوانيالك الكؤوس ولي ثمالتها    ولك الخلود وانني فاني؟وابيت في نوح وتسهيد      وتبيت تحت وسائد الغيداولست مني؟ انني نكد      ما بال حظك غير معمودكان يعاني عقدة لا يصرح بها في شعره انما يحولها في مسارب شتى ويعتاض عنها عقدا اجمل وقعا في نفسه والطف صدى في اذنه. كأن تكون الحبيبة اكبر منه سنا بكثير او انها تنتمي لوسط راق لا تستطيع هي ان تهبط منه، ولا يستطيع هو ان يرقى اليه، او لانها لا تحب فيه غير قصائده..حدثني يوما، قال:"عندما تجمعنا على باب العميد لاجراء المقابلة ايام دخولي الكلية، كانت الطالبات يشرن الي ويتهامسن. وقالت احداهن بصوت مسموع واسمها نهاد:- انظروا: هذا طالب من الصين..فاجبتها:جئت من اقصى البلاد    كي ارى وجه نهادومثيلاتها "نهاد" في عمر يعطي للشكل المركز الاول في الرجل . فمن تبريره المفتعل لمأساة حبه (لبيبه) انها اكبر منه بكثير ، مع ان سنوات الكلية اربع، وهو في الصف الاول وهي في الرابع فالفرق بينهما ثلاث سنوات لا يحتمل الزيادة لاني اعرف لبيبه ذكية متفوقة ، ولكن الشاعر يخلق جو المأساة الملائم ويوسع الهوة بينه وبين حبيبه اصر على انها اكبر منه بسبع سنين.اطلت على السبع من قبل عشرين عاما وما كنت الا جنين(1) والعجيب في امر هذا الحب ليس تفاوت السن بل ان ملهمة الشاعر لم تسمع بحبه وشعره الا بعد سنوات طويلة من تخرجها.تلي لبيبه حبيبته الثانية صاحبة الغمازتين ، كتب فيها اكثر من قصيدة لانها شجعته .. منها (يا هواي البكر) ، ولم يكن هذا هواه البكر كما نعلم من (سوابقه) ولكنه تلاعب بالالفاظ فقد كان لقب صاحبة الغمازتين كهذا العنوان.كانت تستمع اليه مع المستمعين ، وتسلم عليه وقد انضمت الى السفرة الطلابية التي كان فيها . ولا عجب فقد كان كلاهما في الصف الاول ولو نترك للشاعر تحديد علاقته بصاحبة الغمازتين لما زاد عن اقواله:"هات لي شعر" فؤادي كله صار انغاما عذابا ساحرات"

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram