اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > يموت الشاعر، فتبدأ الأسطورة

يموت الشاعر، فتبدأ الأسطورة

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 04:19 م

جبرا إبراهيم جبرا ولعل بدر شاكر السياب كان أول من يرضى بأن تبدأ أسطورته بموته. فالأسطورة فيما يخص كبار المبدعين نوع من استنباع المعاني الحية من الشتات الذي يملأ حياته، وطريقة تتم، على مر السنين دونما إرادة من أحد لجمع هذه المعاني في كل متصل، مبلور
يقول الشاعر الإنكليزي جون كيتس في إحدى رسائله : حياة شكسبير قصة رمزية و ما كتاباته إلا الشرح و التعليق عليها وهذا القول ينطبق على السياب. فنحن قد نعرف الكثير عن حياته، ولكن لابد لنا، لإدراك أغوارها، من استخلاص وقائع تجربته الداخلية، تجربته الذهنية و النفسية، من قصائده، التي هي ولاريب تعليق وشرح مستمران عليها. وإذا فعلنا ذلك وجدنا أنه لا يبقى ثمة تناقض يذكر في حياته، ذلك التناقض الذي يخيل إلى البعض أنهم يرونه فيه كان في حياة السياب من الدراما شيء كثير دراسته، صباه في جيكور فقره غرامياته سياسياته اعتقالاته خيباته، فدائياته، عذابه الأيوبي الأخير، كلها دراما متصاعدة يحتل هو فيها بؤرة ملتهبة وقصائده لذلك قد تؤخذ كلها معا كمأساة درامية متكاملة تسترسل، وتنمو، وتتصاعد، نحو ذروة من ذرى التجربة الإنسانية الرامزة إلى الحياة البشرية: في ظرف معين من التاريخ في ربع قرن من زمان مفعم بالأحداث و التفجيرات، وفي ظرف مطلق، هو ظرف الحياة العربية الجديدة، أو ظرف الحياة الإنسانية في أي زمان هنا يكمن السر في عبقرية بدر، ذلك السر الذي يغرينا، وسيغري الأجيال القادمة، بالبحث و التقول والتأويل في اتجاهات كثيرة. انه السر الذي يلازم الكتابات العظيمة، فيجعلها في توهج دائم. وهو السر الذي يجمع بين أناس غدوا بعد موتهم أشبه بالأساطير ولعل من حسن الحظ أن بدرا استعمل الرمز و الأسطورة على نحو من (البدائية) التي كنت آخذها عليه في أثناء حياته، و التي جعلتني أرى الآن أنه كان لا محيد له عنها. فقد كانت المعاني التي تشغله، تثيره وتمتعه و تسهده، هي تلك التي تفيض فيضا جارفا في ظروف تحتم إيصالها إلى أكبر عدد من الناس في اقصر وقت ممكن، لأنها مباشرة، وأولية، و مهمة في آن واحد لم يكن ثمة مجال للرموز المغلقة الباطنية التي قد يزجيها للقلة فقط مما نراه في شعر بعض زملائه فقد كان في كل ما يكتب فاتحا لأرض جديدة لا حاجة بها للإيماءات المبهمة و هناك يقيم بيارقه كبيرة صريحة ناصعة : لم يكن يريد من قرائه حيرة إزاء أعماقه ومع ذلك، فانه استطاع أن يجعل من مجموع شعره كتبا مليئة بما يشبه السر الموحي في كل لحظة، بالسر الذي يجعلنا دائما نعود إليه ونشاطره نشوة الكشف عن معانيه من جديد، ولكنه، برغم ذلك، قد ترك لنا قصائد عدة لا نرى فيها دربنا بوضوح، تحتم علينا محاولة التغلغل فيها. من هذه القصائد قصائد وفيقة والمعبد الغريق النار و الجوهر - دراسات في الشعر دار القدس - بيروت - الطبعة الأولى 1975

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram