TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فــــارزة: هي أرضٌ عراقية وإن كانت بئراً مهجورة

فــــارزة: هي أرضٌ عراقية وإن كانت بئراً مهجورة

نشر في: 30 ديسمبر, 2009: 08:03 م

وارد بدر السالم حكومة صامتة وشعب هائج. برلمان يتقاطع بسلوكياته الطائفية والحزبية ، ومواطنون توخزهم كرامتهم عندما يرون بقعة صغيرة تحتلها دولة مجاورة . تصريحات مفبركة وخجولة هنا وهناك من حكوميين وبرلمانيين لا تعني شيئاً في نهاية المطاف .
 وشعب يتظاهر عفوياً ضد الوجود الإيراني في حقل الفكّة النفطي. الشعب الحانق هو من سنّته وشيعته ، فمن كربلاء الى الأعظمية الى العمارة ، نجد ضميراً شعبياً واسع النطاق يستقبح هذه الفعلة الدنيئة بتوتير الأجواء المحلية عبر اغتصاب حقل نفطي بدبابات تشاطرت على العاملين هناك ؛ فيما يساور الجميع من المواطنين شك ملتبس على هذا السكوت المقنّع من الحكومة والبرلمان .وكإنما يُراد للجميع أن يصمتوا لسبب ما! المواطنون لا يريدون تفسيرات وتحليلات سياسية فارغة المحتوى ؛ تبرر وتستنتج وتستدرك في ديبلوماسيتها المعروفة ما تريد أن تستدركه من فرص واسترجاعات وتصويبات واتهامات شعبية مباشرة ، تجسدت في التظاهرات الشعبية والعشائرية وما تناولته وسائل الاعلام المختلفة من أن ايران تحتل حقل الفكة صراحة بعد إن رفعت علمها عليه ، ومن ثم أنزلته ، لتبقي مسافة قصيرة بينها وبين واقع الحال العراقي المتشظي سياسياً . ثمة من يرى أن الاحتلال الإيراني لحقل الفكة هو وسيلة من وسائل الضغط على المالكي وحكومته ، لإستدراجه الى منظومة الإئتلاف التي فارقها بصرامة ؛ فيما يرى البعض ان الإستعراض الإيراني بالوصول الى هذا الحقل النفطي الذي يخلو من التواجد العسكري العراقي ؛ هو استعراض شكلي غايته إبراز العضلات العسكرية الإيرانية بالوصول الى اية نقطة حدودية بسهولة ، بغرض (تطمين) من (يمثلونهم) في الساحة السياسية العراقية من أنهم قادرون على التأثير في مجريات العملية السياسية ، لاسيما والانتخابات قد قرُب أجلها وما تبقى منها سيشهد صراعاً مستتراً ومعلناً لقوى سياسية كثيرة تريد الفوز بالكعكة العراقية التي صبغتها دماء عراقية ما تزال تنزف الى هذا اليوم . أما العراقيون فلا تهمهم الاستنتاجات السياسية وتحليلات الساسة المراوغين ، لكنهم يرون في هذه الحركة سابقة خطيرة من دولة جارة أن (تغزو) جارتها بشكل استفزازي وتحتل منها حقلاً نفطياً بذرائع لا تصمد أمام حقائق التاريخ وصلابة الموقف العراقي الشعبي هذه المرة لا الرسمي الذي وجدناه لا ينسجم مع الضمير الشعبي والاجتماعي لشعب عانى من ويلات الحروب والإرهاب الدولي وتدخلات بعض دول الجوار. ومن المؤكد أن هذا الفعل الإيراني أعاد للشعبين العراقي والإيراني صورة الحرب المقيتة التي حصدت آلاف الأرواح من الطرفين في حرب الثماني سنوات ، وما تركته من آثار كارثية على كل المستويات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية . العراقيون الذين يعودون الى نسيجهم الاجتماعي ، بعد فشل إدخالهم في حرب طائفية قذرة ، يتماسكون من جديد أمام حركة نظنها قصيرة النظر باحتلال بئر نفطية مهجورة ، فيتغلبون على السياسي الصامت في دهاليز المنطقة الخضراء ، والبرلماني المراوغ الذي يرى في "الفكة" بئراً مهجورة منذ 23 عاماً وانتاجها ضعيفاً ولا يشكل فائدة مهمة للدخل الوطني، لكن العراقيين يقولون بصوت يهز عروش المنطقة الخضراء إنها أرض عراقية بالنتيجة ولا يمكن المساومة عليها ..فالأرض لأهلها ونفطها لهم وصحراؤها نار...!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram