ترجمة: عادل العاملظلت المرايا على الدوام مصدراً للافتتان. وقبل أن تظهر إلى الوجود، لم يكن الناس يعرفون فعلياً ما هي المرايا. ويمكن أن لا يكون مصادفةً أن واحدة من أكثر المهارات تطوراً لدى الإتروسكان Etruscans الغامضين، أساتذة الكهانة أو العرافة،
كانت انتاج المرايا، كما جاء في هذا العرض النقدي لفكتور سونكين. و الشخصية المركزية في رواية دينا روبينا الجديدة، " Pocherk Leonardo " ، أو خط يد ليوناردو "، التي نُشرت في موسكو مؤخراً، لها علاقة خاصة مع المرايا. كما أنها من الذين يستخدمون اليدين اليسرى واليمنى بنفس السهولة وهي ترى أيضاً لمحاتٍ من المستقبل، لا بطريقة التحديق في كرة، وإنما كأمرٍ واقع تماماً. وتصاب آنا Anna، بطلة الرواية، بالدهشة تماماً، في الأول على الأقل، لكون الناس الآخرين لا يمتلكون هذه القدرة. ويتتبع القارئ مهنة آنا كبهلوانة سيرك ثم كاستعراضية لاحقاً. و كما هي العادة مع كتب روبينا، فإن وصف الحياة اليومية في مدينة كبيرة خارج وسط روسيا في ماض ليس بالبعيد جداً هو العنصر الأقوى في الرواية. وفي العديد من كتبها، كان المكان هو طاشقند، مدينتها الأصلية؛ أما هنا في (خط ليوناردو)، فإن المكان كييف ما بعد الحرب، بخليطها من القوميات، والتقاليد واللغات. وتقفز بعض الشخصيات خارج الصفحة (تناسباً مع كتابٍ حول المرايا) ــ مثل جدة آنا الجدية كريستينا أو صديقها ومستشارها في الرياضيات أليزار. و يمكن القول إن الفصول التي تعالج المهنة العالمية للبطلة أقل إقناعاً. ولا تقترب مونتريال من حيوية فصول كييف. وعلى كل حال، فإن حياة السيرك، في كل من الاتحاد السوفييتي وسيرك دو سوليه بكندا، توصف بتفصيل دقيق وهي متعة بالنسبة لكل مَن هو مهتم بالحيوات المهنية للآخرين. وبحث روبينا هذا جدير بالثناء من نواحٍ أخرى، أيضاً : فمن الواضح أنها قد درست بصورة شاملة الحاجات الخاصة والمشكلات التي يواجهها الأشخاص الذين يستخدمون كلتا اليدين بالسهولة نفسها. ومن المرعب أن الممارسات القاسية على الذين يستخدمون اليد اليسرى من الناس، والموصوفة في هذا الكتاب، ما زال يصادفها المرء أحياناً في روسيا. و عنوان الرواية‘ " خط ليوناردو "، ناشيء من الطريقة غير العادية التي كان يستخدمها ليوناردو دافنشي، الثنائي اليدين كما يبدو، في حل شفرة الرسائل السرية ("شفرة دا فنشي " الحقيقية!) التي لم يكن ممكناً قراءتها إلا في مرآة. وهذا، بين أمور أخرى، ما يعطي الكتاب مسحة غموض، لكن من دون إن يهبط بالرواية إلى مستوىً شاذ خارق للطبيعة. والربط بين موهبة آنا البطلة وتفصيلات الحياة اليومية الواقعية يذكر حتى أشد المتشككين، بالأمور الغريبة التي تقع بين الفينة والفينة : حلم تنبّؤي، تنبؤ مضبوط، شعور بحضور شخصٍ رحل مؤخراً. و أخيراً، فإن رواية روبينا المحكَمة تقدم لنا طريقة للنظر إلى داخل ذلك العالم الغريب ــ لا من خلال نافذةٍ أو باب، وإنما عبر مرآة. عن/ context
"خط ليوناردو".. وقوى المرايا الغامضة
نشر في: 1 يناير, 2010: 06:02 م