اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الأوراق الانتخــابيـة وتظــاهـــرات الفكّــة

الأوراق الانتخــابيـة وتظــاهـــرات الفكّــة

نشر في: 1 يناير, 2010: 06:08 م

شاكر الأنباريحقول النفط على تخوم محافظة ميسان، العمارة، نقطة حساسة في العلاقات العراقية الايرانية. ورغم أن المنطقة متداخلة بينهما الا أن الترسيم المعترف به بين الجانبين يقول ان هذه الحقول، بما فيها الفكة، هي عراقية. والمنطقة الفاصلة بين البلدين، في الفكة وما جاورها،
 هي منطقة أهوار ومسطحات مائية يصعب وضع حدود واضحة عليها، وظلت إيران متعنتة في قضية ترسيم الحدود من جديد، بعد التغير البنيوي في الدولة العراقية. اعتبرت ايران ان اتفاقية الجزائر هي الفيصل بين الطرفين. علما أن تلك الاتفاقية جارت كثيرا على العراق، وعقدت بين الشاه وصدام حسين، في ظل ضعف العراق في تلك الفترة اثناء تصاعد الثورة الكردية. تجاوز قوات إيرانية على الأراضي العراقية، واحتلال البئر رقم اربعة، اعترفت به ورصدته أكثر من جهة، الا أن مصادر الحكومة لم تبد احتجاجا حادا على الخطوة تلك. وهذا بالضبط ما أربك الوضع السياسي، حيث ترافق الحدث، وتزامن، مع قيام تظاهرات شعبية عارمة للمعارضة الايرانية ضد المرشد الأعلى، ورئيس الجمهورية أحمدي نجاد. العاصفة الإيرانية التي تهب في الداخل بين المعارضة والنظام انعكست على الوضع العراقي بشكل مباشر، وعلى تفاعلات قضية احتلال البئر الرابع في الفكة على وجه الخصوص. موقف الحكومة احتسب مباشرة على رئيس الوزراء نوري المالكي، وتحالف دولة القانون، اذ هو الذي وضع في الواجهة كرئيس للوزراء. ان إضعاف هذا التحالف، والحد من طموحات المالكي في العودة ثانية الى كرسي رئاسة الوزراء، كان هدف عدد لا يستهان به من القوى السياسية، بما فيها أحزاب قريبة الى المالكي. بعض تلك الأحزاب نأت بنفسها عن التصريحات المباشرة، كون الموضوع حساسا جدا في الشارع. فمن جانب انك كحزب قريب الى ايران لا تستطيع اتخاذ موقف حاد، ومن جانب آخر ثمة ضغط شعبي مضاد لهذه الخطوة. اذ قامت تظاهرات شعبية في كربلاء، والديوانية، والبصرة، وبعض المناطق الجنوبية، ضد احتلال بئر الفكة، عدا التظاهرات الكبيرة في الموصل، والأنبار، وتكريت. كما ساهمت قنوات فضائية في تأجيج الحدث، والتنبيه الى خطورته، مثل الشرقية والبابلية والبغدادية والعربية وغيرها من القنوات، ما خلق وضعا مرتبكا في الشارع. هذا عدا عن ادانات حادة من قبل أحزاب، وائتلافات لها طابع غير طائفي، سواء من أجل الدعاية الانتخابية أو من أجل مواقف مبدئية وطنية. إن رؤية المواطن للتظاهرات الشعبية في طهران، وتبريز، وقم، ونجف آباد مسقط رأس الراحل آية الله حسين منتظري، وغيرها من المحافظات الايرانية ضد الحكومة الدينية ونظام ولاية الفقيه، أعطت زخما للشارع العراقي ايضا. اذ يدرك ذلك الشارع صعوبة ربط ما هو ديني بما هو سياسي، فالآليات متباينة ونتائجها كارثية بعض الأحيان. وهو أيضا كان قد تلمس سابقا العلاقة الوثيقة لبعض أحزاب الاسلام السياسي في العراق مع ايران، ونظامها المستند إلى ولاية الفقيه. واحتلال أراض عراقية نبه ثانية الى حقيقة وجود مخاوف على الأراضي العراقية لا يمكن إزالتها بإغماض العين، او بالتغاضي عنها نتيجة المذهب او العلاقة الخاصة. وهذا هو مأزق تلك الأحزاب حاليا، وهي تتأهب لخوض انتخابات حاسمة ومصيرية سواء لوجودها في الساحة، أو لهيمنة الآيديولوجيا الدينية المذهبية في المستقبل. طيف واسع من الشارع لا ينسى أنه خاض حرباً ثماني سنوات. وبغض النظر عن شرعية تلك الحرب، أو من المسبب لها، إلا أنها خلفت وراءها ندوباً لا تمحى في الذاكرة. مئات آلاف الضحايا والمعوقين، ومدن حدودية مهدمة كالبصرة والعمارة، وخسائر مالية، ورعب على جبهة طولها اكثر من الف كيلومتر. باختصار لم يعد المواطن يستطيع أن يدعي أن في ايران نظاماً مثالياً يؤمّن استقرار بلد متنوع الاثنيات والاديان، شاسع الخارطة، يتموضع في شرق مضطرب. وأمام الاختلال في توازن ذلك النظام، وآيديولوجيته المنغلقة ، أصبحت أية حركة موجهة ضد العراق تفسر على انها محاولة منه لتثبيت نظام مرفوض من طيف واسع من الايرانيين. ومع ربط احتلال بئر الفكة، والتظاهرات الداخلية في ايران، وسعي ايران المحموم لامتلاك سلاح نووي، بدأ الشارع العراقي يتنبه الى حقيقة وجود خطر على حدوده الشرقية. ينبغي على الأقل التحدث به، ورصد أي تحركات من قبله، ولا يطمئن له مئة بالمئة كما جرى في السنوات الست السابقة. وقبل أيام قليلة فقط عرف الشارع العراقي ايضا عن نوايا ايران بإقامة مفاعل نووي مقابل البصرة، ما حدا بالحكومة الى تقديم استفسار رسمي حول الموضوع، كونه يشكل خطرا رهيبا على أهالي البصرة التي يقطنها أكثر من مليوني مواطن. اذ لن تكون المسافة بينهم وبين ذلك المفاعل سوى خمسين كيلومترا أو يزيد بقليل. وبربط كل ذلك مع ما يجري في العراق، بدأت قوى فاعلة، عابرة للطوائف، تقف موقفا جادا حول الاتهامات السابقة. ولا يحتاج المراقب الى كثير عناء لكي يقع على روابط خفية، بين ما يجري في ايران وما يستجد في العراق. فالملفات بين البلدين بدأت تتكشف قليلا قليلا، حتى أصبح التوفيق بين الانتماء العراقي والصداقة لإيران على المحك. خاصة أن المحك ذاك هو الشعب. الشعب، هذه الكتلة الغامضة، الهلامية، التي يصعب التكهن بردات فعلها في لحظة التأشير على ورقة المرشح. وه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram