TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: مــــدرســــة الــــحــــب

كتابة على الحيطان: مــــدرســــة الــــحــــب

نشر في: 1 يناير, 2010: 06:13 م

عامر القيسييا رب علمني التسامح مع اسمى مراتب القوة وان حب الانتقام هو اول مظاهر الضعف . دعاء كنسي ردده احد القساوسة في كنيسة تهنئة العذراءمضيفا على قول السيد المسيح متسائلا عن الفائدة من ان تحب الذين يحبونك ، لان الحب الحقيقي ان تحب الذين لايحبونك ،
 وهو نوع من الحب الذي لايستطيع عليه اي انسان لانه يحتاج الى طاقة وارادة وقوة السيطرة على النزعات الطبيعية لحياة الكائنات بما في ذلك الانسان . ليرتبط هذا النوع من الحب بالتسامح اولا وبالاعتراف بان الانتقام هو من دلالات الضعف ، وحسب علم النفس فان الانسان يحاول الانتقام لخوفه من شيء ربما لايكون واقعيا. بوجه عام كل سلوك الانبياء انطوى على قدر عال من الحب والتسامح ورفض الانتقام عند المقدرة عليه بل وحتى تحمل الأذى والصبر عليه والامتناع الحازم عن استخدام العنف كوسيلة للوصول الى الآخر او فرض رأي او توجه على الآخر الذي هو الناس من مختلف مشاربهم وسلوكياتهم الحياتية . وحقيقة لاندري من اين يأتي البعض من رجال الدين بفتاوى القتل والممنوعات وفرض الحد ، وما هي مرجعياتهم الاساسية ان كان سلوك الانبياء يقدم لنا مدرسة نموذجية في تعلم الحب والتسامح ورفض الانتقام . قدم المسيحيون في اعيادهم الاخيرة عن وجه حضاري من طراز رفيع عندما قصروا احتفالاتهم على شعائر الصلاة في الكنائس احتراما لايام عاشورا التي استشهد في عاشرها الامام الحسين وهو يقارع الباطل مدافعا عن الحق بل انه وفي عز ازمته واشتداد المعركة كان يدعو الى الحب ووقف سفك الدماء لكن ارادة الشر كانت الاقوى فعلت على صوت التسامح والحب . قدم المسيحيون نموذجا حضاريا للألفة والمشاركة في الاحزان والافراح وفي دعاء قساوستهم في كنائس العراق كانوا يدعون للحب وعدم الانتقام بالرغم مما تعرضوا ويتعرضون له من تهديدات واغتيالات وتفجيرات . حتى ان الكثير منهم يتساءلون : لماذا تروجون في الاعلام اننا مستهدفون؟ والحقيقة هي اننا حالنا حال الشعب العراقي ،فالسيارة المفخخة لاتميز بين المسيحي والمسلم كما انها لاتميز بين الشيعي والسني ، وان من يهاجر منّا كما يهاجر غيره من المسلمين وغير المسلمين من العرب والاكراد . مدرسة حقيقية للحب قدمها لنا السيد المسيح حين صرخ بقوم من المنتقمين من امرأة احتمت به (من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر)! ونحن الآن احوج مانكون الى هذا العمق الوجداني والانساني والتربوي والاخلاقي في حب الناس بما في ذلك الذين لايكنون لنا المحبة ، في التسامح عند المقدرة ، في الايثار وروح المسؤولية وحب الوطن واعماره ، في العمل على وقف نزيف الدم العراقي لاالتفرج عليه واستخدامه في البورصة السياسية ، في محاربة اللصوص الذين يسرقون مستقبلنا ويلقون بنا في آتون المجهول . مدرسة لكل الاشياء الجميلة في الحياة وهي النقيض لمدرسة الاشرار الذين يتفننون في ابتكار وسائل قتلنا باسم الدين ولونه وهو براء منهم الى يوم يبعثون!!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram