TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: الصحفيون الضحايا

خارج الحدود: الصحفيون الضحايا

نشر في: 1 يناير, 2010: 06:41 م

حازم مبيضينأي عشق يدفعنا للموت لتكون الحياة جميلة وزاهية ومفعمة بالخير والرضى،وأي إنكار للذات يدفعنا للمخاطرة بأرواحنا لتنعم أرواح الآخرين بالحرية،وأي مغريات تدفعنا للانخراط في مهنة المتاعب،في عالم قتل فيه خلال العام الماضي 137 صحفياً،
 كانوا يؤدون رسالتهم النبيلة لتكون الصورة واضحة،ولماذا تزداد عاماً بعد الآخر عمليات استهداف الصحفيين بالقتل المباشر ليكون عام 2009 الاسوأ ويسجل رقماً قياسياً،ولماذا يترصد الظلام بقعة الضوء التي يمثلها الصحفيون،ولماذا تصمت الامم المتحدة صمت القبور عن هذا الواقع المرير،ولماذا تتجاهل حكومات العالم هذه المجزرة البشعة فلا تشرع قوانين لحماية حراس الحقيقة؟ وتتركهم لقدرهم ومصيرهم الذي اختاروه إيمانا منهم بقداسة مهمتهم،وبان جلاء الحقيقة يستحق المخاطرة والتضحية. من قندهار التي ودعنا فيها الصحفية الكندية ميشيل ﻻنج،بعدما فقدت حياتها أثناء مهمة صحفية في جنوبي أفغانستان لتكون الضحية الأخيرة في عام 2009،إلى الفلبين والمكسيك والصومال الذي حل أوﻻً في العالم العربي وفي المركز الثالث عالمياً،إلى العراق الذي تراجع فيه عدد الصحفيين المغدورين الى خمسة بعدما ابتلعت ايام عام 2008 ست عشرة وردة كانت في طور التفتح وبث رائحتها الزكية في أرض الرافدين،وإلى الباكستان مع 7 ضحايا وروسيا مع 6 من حملة الأقلام ومشاعل الحقيقة،وإلى أين أيضا؟؟؟ لا ندري أين نوجه وجوهنا وحزننا،للإحاطة بتفاصيل هذه البشاعة التي نتعرض لها،وندفع دمنا ثمناً بعدما دفعنا أثماناً باهظة من حريتنا،وتعرضنا لقطع موارد الرزق،وحمل بعضنا ممن أسعفهم الحظ بالنجاة من الموت،علامات على وجوههم،لتذكرهم بأنهم مستهدفون،وأنهم في مرمى النار على الدوام،وعلى مدار الساعة. من لبنان نتذكر اليوم جبران تويني وسمير القصير،وهجوم مسلحين مجهولين على مكاتب وسائل الإعلام التابعة لمجموعة المستقبل الإعلامية، مثلما نتذكر مي شدياق، محاورة البرامج السياسية بشركة البث اللبنانية، التي بترت ذراعها وساقها عندما انفجرت عبوة ناسفة بسيارتها،ومن العراق تطول القائمة كثيراً حتى لنعجز عن التعداد،لكن الذاكرة ستحفظ هؤلاء الشهداء، وسنتذكر يومياً ما يتعرض له زملاء صحفيون وكتاب في العديد من دول عالمنا العربي من ظلم يبدأ بمحاولات اغتيال الشخصية ولاينتهي بفترات قياسية من السجن،في حالة يبدو فيها القضاء متواطئاً مع الاجهزة إياها لاخراس هؤلاء الشجعان – الأشجع منا – دون أن يتمكن من لجمهم أو منعهم من مواصلة النضال دفاعا عن الحرية والحقيقة. يوم أمس ابتدأ عام جديد،لم نعرف بعد إن كان قد سقط فيه ضحايا من العاملين في مهنة المتاعب،لكننا نعرف أن أيامه القادمات،يخبئن أسماء كوكبة من الشهداء،سيسقطون دفاعاً عن حرية الكلمة،ونعرف أن كواتم الصوت تستعد لدورها البغيض في ملاحقة الشرفاء من الصحفيين،ونعرف أن أعدادا ليست قليلة ستنضم هذا العام وفي الاعوام المقبلة إلى المهنة النظيفة،بشجاعة نفتقدها عند أعدائهم،ونعرف أن آلاف الصحفيين في جهات الأرض الأربعة،سيواصلون بشرف وعناد أداء مهمتهم في كشف الحقيقة،والدفاع عن حق الناس في أن يعرفوها، من دون تجميل أو تزوير أو تدوير لزواياها،ونعرف أن الكثير من الحكومات ستذرف دموع التماسيح عند سقوط ضحية جديدة،ومن دون أن تقوم بأي فعل لمنع ذلك،لكننا نعرف أيضاً أننا اخترنا مهنة تستحق التضحية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram