عبدالله السكوتيظهرت في الفترة الاخيرة، وبعد 2003 بالتحديد، ظاهرة تسجيل مقاطع فيديوية وتوزيعها على اجهزة النقال ليتداولها الناس، وجل هذه المقاطع تسجل للسخرية، وابطالها كثيرا مايكونون متخلفين عقليا، من ضمن هذه المقاطع، لحظات لشخص متخلف ،
يقدمه احدهم على انه شاعر يبكي بغداد الحبيبة، القصيدة التي يلقيها (ابو العلو) بحماسة منقطعة النظير لاتفهم منها سوى كلمة بغداد، ويصعد الى ذروته حين تنتابه حالة هستيرية يجهش خلالها بالبكاء، لا ادري لماذا لم يأخذني هذا المقطع مثل سواه الى الضحك وانما احالني الى البكاء، فشاركت (ابو العلو) بكاءه ربما احسست به مليئا بالصدق، وربما قرأت قصيدته قراءة اخرى، فهمت من خلالها احساس هذا الرجل وبكاءه على بغداد بحرقة، وربما قارنت بينه وبين مدعي الشعر الذين يحصدون الجوائز المليونية والاخرى المعنوية ويتنعمون بمراكز ووظائف لا لشيء، فقط لانهم يشوهون وجه اللوحة الناصع، ويحاولون ذر الرماد في العيون ليجعلوا من الحق باطلا ومن الباطل حقا. ان (ابو العلو) مثال للانسان الطيب الذي مع صغر عقله تفاعل مع مأساة بغداد ، وتكلم بلغة يفهمها هو ويضحك منها الاخرون، لكنها برغم سذاجتها وطفولية العقلية التي ابدعت الكلمات غير المفهومة تبقى قصيدة الاحساس المرهف والصدق النقي الذي يفتقر اليه الكثيرون. لقد بكى (ابو العلو) بغداد بكاء لم يبكه احد قبله من المترهلين، الذين يجدون في كل عصر ضالتهم ويعرفون (من اين تؤكل الكتف) ولذا عاشوا عيشة راضية لايتعبهم الكذب، لانه من قاموسهم الاثير، هؤلاء الذين يستطيعون ركوب اية موجة ويزوقون الاباطيل، هم اعداء الوطن الحقيقيون، لانهم شوهوا معالم صورة مايجري بدعاوى شتى ، متناسين ورامين وراء ظهورهم مايراد بالشعب العراقي ليحصدوا امجادا شخصية، سرعان ما تذوي ويذوون من خلفها كما ذوى غيرهم، ليبقى الانسان النقي من امثال (ابو العلو) شاهدا على عمق المأساة و(تراجيديتها). من الطبيعي ان يحتوي المجتمع على النوعين ، ولكن الكارثة هي ان يتصدر القائمة من لاعلاقة له بالوطن ، يصمت حين يراد منه الكلام ويتكلم حين يكون الصمت ابلغ الكلمات. من المؤكد ان الشعب يعرف جلاديه، لكنه صامت حتى الان وويل للاقلام المأجورة التي آثرت ان تسير بركب المؤامرة والتمزق من عاقبة الامور فدين الشعب لايمكن سداده بالكلمات، وانما سيأخذ حقه مضاعفا، وسيحاسب كل من شارك كلمة او فعلا في تمزيق ارادته وعزله عن العالم. يبقى (ابو العلو) اصدق شاعر على الاقل في هذه السنين العجاف التي لم تفرز شيئا يشفي غيظ الصدور.
هواء في شبك: (ابو العلو)
نشر في: 1 يناير, 2010: 07:02 م