TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > الصافي النجفي يستعيد ذكرياته عن بدايات الثورة العراقية

الصافي النجفي يستعيد ذكرياته عن بدايات الثورة العراقية

نشر في: 3 يناير, 2010: 02:55 م

عبد الحميد الرشودي كان من محاسن المصادفات ان يسكن السيد احمد الصافي النجفي عند عودته الى ارض الاستاذ حسين علي الخلف في حي المتنبي وكان هذا الصديق وقد انعقدت بينه وبين الصافي علاقة وثيقة. يحدثني عن الصافي وطراز معيشته المتسم بالبساطة والزهادة  بمتع الحياة ويوافيني باخباره وقد عرض علي ذات يوم ان اصحبه الى زيارة السيد الصافي وكنت شديد الرغبة تواقا الى ذلك اللقاء!
وفي ذات يوم من ايام تشرين الثاني 1976 ابلغني الصديق ان احضر عصرا لمقابلة الصافي فلما ازف الموعد اخذنا سمتنا الى داره المرقمة (4) فاستقبلنا على عتبة الباب رجل قروي كان يسكن هو واسرته مع الصافي وقد اوكلت اليه خدمة الصافي فقادنا الى حجرة واسند ظهره الى الجدار وكانت امارات الاعياء بادية عليه وبعد القاء السلام اعتدل في جلسته ورحب بنا وطلب الى الرجل ان ياتينا بكرسيين للجلوس اذ لم يكن في الحجرة اثاث سوى فراشه وبعد احاديث شتى سبق ان نشرت طرفا منها في جريدة (العراق) وطويت بعضا انجز الحديث الى بدايات الثورة العراقية الكبرى في 30/حزيران 1920 واسباب اندلاعها وعزم على ان ادون ما يقوله ولم اكن متهيئا لذلك فاستعنت ببعض قصاصات من الورق كنت احملها في جيبي فدونت ما استطعت تدوينه ولا ازعم اني استطعت تدوين كل ما فاه  به الرجل وهذه شذرات مما دونته ومما علق بالذاكرة قال رحمه الله واكرم مثواه :عندما اعلن الرئيس الاميركي ولسن شروطه الاربعة للصلح وفيها ان لكل شعب حق تقرير مصيره بنفسه فرأيت ان استغل هذا الشرط للمطالبة باستقلال العراق وكنت في كل يوم اسير على طرف سكة الحديد انا وصديقي سعد صالح الذي كان اصغر مني سنا وعلما فهو اصغر مني بثلاث سنوات ولم تكن عمليته واسعة ولكنه كان مليئا بالطموح والجرأة فعرضت عليه الفكرة فوافق عليها وبعد يومين كنا نسير قرب المحكمة الانكليزية فالتقينا بشخص يلبس البدلة الرسمية اسمر اللون بارز الوجنات فقدمني اليه وقدمه الي باسم "صالح جبر" وكان كاتبا في المحكمة الانكليزية فعرض عليه الفكرة فايدها !عدت ليلا الى دارنا وكان يسمر عندنا كل ليلة الشيخ عبد الكريم  الجزائري فعرضت الفكرة عليه وعلى اخي السيد محمد رضا فرفضا فبقيت الح عليهما وهما يرفضان وبعد خمسة ايام جاءني اخي السيد محمد رضا وهو بطل شجاع انوف فقال: "لقد ذهبت اليوم لمراجعة حاكم الكوفة العسكري بلفور لقضايا تتعلق ببستاننا في (الجعارة) فصرخ في وجهي وخرجت حانقا متذمرا!فاستغللت ذلك باثارة الطغاة ثم جاءني بعد عشرة ايام او اكثر وقال لي: (لقد ذهبت اليوم الى (ابو صخير) لمقابلة القائممقام . وكان من عادة المراجعين ان يطرقوا الباب ثم يدخلون بلا استئذان فاراد الانكليز ترويض العراقيين وخضد شوكتهم فاسسوا صالون انتظار فيمكث المراجع وقتا طويلا حتى يؤذن له بالمواجهة ولم يكونوا يعلمون ان صالون الترويض سيكون الحقل الذي تنبت فيه بذرة الثورة العراقية ثم اردف اخي قائلا فجلست وكان امامي السيد علوان الياسري الذي صار فيما بعد اكبر زعماء الثورة فاخذ كل واحد منا ينظر الى الاخر وتفاهمنا  بالنظر ثم اشار الي بالخروج فخرجت من الصالون واخذنا نتجول عند احدى السواقي فقال لي السيد علوان الياسري الى متى تبقى هذه الحالة ؟ فقلت له انا حاضر ، فقال انا مستعد ان أهيئ العشائر للثورة ولكنهم كما تعلم لا يتحركون الا بفتوى دينية وعلماء الدين عندنا لا يفهمون بالسياسة فنريد ان تكون واسطة بيننا وبينهم فتفهمهم معنى السياسة       فقلت له ما رايك بالشيخ عبد الكريم الجزائري فقال عال فوعدته خيرا قال لي اخي السيد محمد رضا انت تعرف راي الشيخ عبد الكريم الجزائري وموقفه من هذه الفكرة فقلت له سيحضر الليلة عندنا ويعيننا الله عليه فلما حضر الشيخ كعادته عرض عليه اخي الفكرة وقد قوي املي  لاننا اصبحنا شخصين ازاء شخص واحد.فلما عرضنا عليه الفكرة امسك الشيخ الجزائري بفنجان القهوة وقال هل تستطيع ان تفرغ قربة ماء بهذا الفنجان ؟ فقلنا لا فقال الشيخ فهذا حال العرب اليوم لا تسمح ظروفهم بمثل هذا العمل فبقينا نتابع مناقشته الموضوع في كل ليلة ونعيد ونبدي وبعد مرور نصف شهر تقريبا رآني الشيخ عبد الكريم الجزائري تحت سابات الملا محمود فقال لي تعال يا احمد تعال لقد كنت في كربلاء واجتمعت بالشيخ محمد تقي فأبدى استعداده للتعاون معنا فاريد ان تجمعني مع الشيخ محمد رضا الشبيبي فطلبت الى الجزائري ان يسبقني الى دارنا وذهبت من فوري الى الشيخ الشبيبي وكنت موضع ثقته وحين افضيت اليه بالحديث وعرضت عليه الفكرة قال انه لايثق بالشيخ عبد الكريم الجزائري واضرابه لانهم في رايهم رجعيون خرافيون فالححت عليه فاستجاب لالحاحي وصحبني الى دارنا فجلس معهم وافردوني في حجرة تقابل حجرة الاجتماع ولم يشركوني معهم بالحديث لعدم اطمئنانهم  مني لاني كنت يومئذ شابا وبعد ان امضوا ثلاث ساعات اقبل الشيخ الشبيبي وقال لي ابشرك وكان قابضا يده انها حنطة لا شعير فقد تقرر ان اركب جملا واحمل وثائق من زعماء العراق الى الشريف حسين وهنا امسك السيد الصافي عن الحديث ثم كان ما كان مما تعرفونه ويعرفه الجميع.وبما يلفت النظر ان الصافي كان كثير الاستظهار لشعره معتزا به وكان كلما يعرض في النقاش بيتا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram